كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 7-8)
وأما ارتياحي إلى الموالي السادة - حرس الله مددهم، وكثر بساحة المكارم عددهم - فارتياح من رحل وترك قلبه عندهم، وإني وإياهم لكما قال [الأول] (1) :
لم ألق بعدهم قوماً فأخبرهم إلا يزيدهم حباً إليّ هم
وعلى القاضي السيد منهم السلام [186] خصوصاً، لأني أعلم عن صورة حاله في هذا الشهر، واحتباس يده عن كأسٍ يحلبها، وفمه عن قبلة يسلبها، وقدمه من الحانة الخمرية، وزيارة الغيد الحورية، فإذا حلت بمشيئة الله أنشوطة هذا العقال، وأطلع الله سبحانه عليه هلال شوال، فأنس وسط القوم، وأخذ بثأره من أيام الصوم، فليذكر هناك صديقاً لم ينسه وقد ضرب البين رواقه، وأطال الفراق اعتياقه، واؤمل من الله تعالى أن يسهل من قرب الدار ما يعيد سلك المسرة منظوماً، والشمل بحضرته السامية ملموماً، فهي الحضرة: تهب منها رياح العلاء، وتحط بها حقائب المدح والثناء، وتبدع في إسداء المنح والآلاء.
والبيت الذي أنشده لزياد بن منقذ الحنظلي أخي المرار العدوي.
قال ابن بسام (2) : وأراه أول من استشار معناه، ومنه قول الآخر مما أنشده
__________
(1) سيذكر ابن بسام في ما يلي أن قائل هذا البيت هو زياد بن منقذ الحنظلي أخو المرار العدوي؛ ونسبه البغدادي في الخزانة (2: 394) إلى المرار نفسه، وروايته:
وما أصاحب من قوم فاذكرهم ... إلا يزيدهم حباً إليّ هم وزعم الحصري أن المرار هو نفسه زياد بن منقذ، ونقل ذلك البغدادي عنه (2: 395) وجاء في بعض أصول زهر الآداب أنه أخو المرار، حسبما ذكر ابن بسام، وروى البيت كما جاء في الذخيرة (انظر زهر الآداب: 1064) قال البغدادي (2: 396) وزعم أبو تمام في الحماسة أن القصيدة التي منها البيت لزياد بن حمل بن سعيد بن عميرة (الحماسة رقم 577) وزعم الأصفهاني في الأغاني (10: 330) والخالديان في شرح ديوان مسلم ابن الوليد أن هذه القصيدة للمرار بن سعيد الفقعسي، والصواب أنها لزياد بن منقذ العدوي، قاله ياقوت في معجم البلدان (مادة: صنعاء) قلت: ما ذكره عن الحماسة ثابت عند التبريزي، وفي شرح المرزوقي: قال زياد بن حمل، وقيل زياد بن منقذ، وكذلك هو عند البكري، في شرح الأمالي: 70، وانظر العيني 1: 257 وشرح شواهد المغني: 49 وحاشية البكر: 70 وكان من مناسبة القصيدة أن زياد بن منقذ رحل إلى صنعاء فلم يحمدها، فقال ذلك الشعر يذمها ويتشوق إلى وطنه.
(2) يعتمد ابن بسام في أكثر هذا التعليق على زهر الآداب: 1064 - 1065.