كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 7-8)
والمساعي، وقويت منه في إكرام أوليائه الدواعي، وأنشد عند قراءة هذا الفصل:
لقد حكت الملام لغير داع (1)
ثم تجاوزت همته النهج البعيد، وقرع ذؤابة الطود المشيد، واستحسن قول الوليد (2) :
ينزل أهل الآداب منزلة ال - أكفاء إن ناهزوه (3) في أدبه
لم يزهه عنهم وهم سوق في العين وطء الملوك في عقبه
فعبده يسل أن يختصر عليه في الإكرام، ويقف به دون ذلك المقام، فاللمحة في البدر تضيء السبيل، والقطرة من الماء تبرد الغليل.
ومن أخرى:
معلوم أن الزمان قد عادانا بعجابه (4) ، ونهشنا بأنيابه، وأدار علينا من صروف أحداثه كؤوساًن وجعل كل غريب لنا أنيساً، ولما خرج عن حكم العادة، وسلك في مولاي غير الجادة، وأودعه عوارف يضيق عنها باع الكتاب، وقذف إليه أقاصي خطوب الخطاب، علمنا أنه قد أصاب رشده، وأوجب حمده، وأطلع شمس النهار من مشرقها، ووضع تاج الرياسة على مفرقها.
ومن أخرى:
خلد الله أيام الحضرة الأفضلية (5) ، ما فضلت الأسماء حروفاً، وتقدمت واو
__________
(1) ص: واع.
(2) ديوان البحتري: 243.
(3) الديوان: شاركوه.
(4) ص: بعجائبه.
(5) يعني بالحضرة الأفضلية: الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، تولى الوزارة حين مرض والده سنة 487 زمن الإمام المستنصر، وظل على الوزارة في أيام المستعلي ثم الآمر إلى أن اغتيل سنة 515 (الإشارة إلى من نال الوزارة: 57 - 64 وابن خلدون 4: 70) فإن كان ابن أبي الشخباء قد توفي سنة 486 فهذه الرسالة مما أنشأه في الأفضل قبيل توليه الوزارة، يهنيه بإبلاله من مرض.