كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 7)

قال العلامة ابن القيم: [وقنت - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفجر بعد الركوع شهراً ثم ترك القنوت ولم يكن من هديه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القنوت فيها دائماً ومن المحال أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في كل غداة - أي صلاة الفجر - بعد اعتداله من الركوع يقول: (اللهم اهدني فيمن هديت وتولني فيمن توليت. إلخ) ويرفع بذلك صوته ويؤمِّن عليه أصحابه دائماً إلى أن فارق الدنيا ثم لا يكون ذلك معلوماً عند الأمة بل يضيعه أكثر أمته وجمهور أصحابه بل كلهم حتى يقول من يقول منهم: إنه محدث كما، قال سعد بن طارق الأشجعي قلت لأبي: (يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم هاهنا وبالكوفة منذ خمس سنين فكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث). رواه أهل السنن وأحمد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وذكر الدارقطني عن سعيد بن جبير قال: أشهد أني سمعت ابن عباس يقول: إن القنوت في صلاة الفجر بدعة. وذكر البيهقي عن أبي مجلز قال: صليت مع ابن عمر صلاة الصبح فلم يقنت فقلت له: لا أراك تقنت فقال: لا أحفظه عن أحد من أصحابنا.
ومن المعلوم بالضرورة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو كان يقنت كل غداة ويدعو بهذا الدعاء ويؤمِّن الصحابة لكان نقل الأمة لذلك كلهم كنقلهم لجهره بالقراءة فيها وعددها ووقتها وإن جاز عليهم تضييع أمر القنوت منها جاز عليهم تضييع ذلك ولا فرق] زاد المعاد في هدي خير العباد 1/ 271 - 272.
وأما ما ورد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - داوم على القنوت في الفجر فليس بثابت عند أهل العلم، والحديث الوارد في ذلك وهو عن أنس - رضي الله عنه - قال: (ما زال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا) فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة. انظر السلسلة الضعيفة 3/ 384 - 388.
وبناءً على ما تقدم فإن القول الراجح في هذه المسألة هو عدم المداومة على القنوت في الفجر وإنما يقنت عند النوازل والمصائب والبلايا

الصفحة 29