كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 14 """"""
فأخرجوا . وقيل لهم : قد وجب عليكم القتل لصحبتكم من أراد الفساد في الأرض ، ولكن الملك عفا عنكم . فكانوا لا يمرون على أحد إلا حدثوه بما رأوا من العجائب ، فانقطعت أطماع الملوك عن الوصول إلى مصر والتعرض إليها ، وعملت في أيامه عجائب كثيرة ، منها أنه عمل على باب كل مدينة بطة نحاس قائمة على أسطوانة ، فإذا دخل الغريب من الباب صفقت بجناحيها وصرخت ، فيؤخذ ويكشف عن أمره . وشق إلى مدائن الغرب نهراً من النيل ، وبنى على عبره منازل وأعلاماً وغرس بينها غروساً ، وكان إذا خرج إليها سار في عمارة متصلة ، وملكهم مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات . وملك بعده ابنه سهلوق بن شرناق ، وكان كاهناً منجماً ، فأفاض العدل وقسم ماء النيل قسماً موزوناً ، صرف إلى كل ناحية قسمها ، ورتب المراتب وجعلها على سبعة أقسام : فالطبقة الأولى الملك وولده وأهل بيته ومن يلي عهده ورأس الكهان والوزير الأكبر وقائد الجيش الأكبر وصاحب خاتم الملك وصاحب خزانته . والطبقة الثانية مراتب العمال والمتولين جباية الأموال والإشراف على النفقات في أمر المملكة ومصالح البلد والعمارات وقسمة المياة . والطبقة الثالثة الكهان وأصحاب الهياكل وخدمتها ومتولو القرابين والمشرفون على جميع ما يتقرب به من بواكير الفواكه والرياحين وفتى البقر والفراريج الذكور ورءوس خوابي الشراب . والطبقة الرابعة المنجمون والأطباء والفلاسفة . والطبقة الخامسة أصحاب عمارة الأرض ومتولو أمر الزراعة . والطبقة السادسة أصحاب الصناعات والمهن في كل فن ، والمشرفون على أعمالهم ونقل ما يستحسنون منها إلى خزانة الملك . والطبقة السابعة أصحاب الصيد من الوحش والسباع والطير والهوام والخشاش ، والمشرفون على أخذ دمائها ومرائرها وشحومها وحملها إلى الأطباء لإصلاح العقاقير وتأليق الأدوية . وتقدم ألا يدخل أهل مهنة ولا صناعة في غيرهم ، ومن قصر في عمله عوقب ، ومن أحسن في عمله جوزى بقدره . وكانت رتبة الألحان والملاهي في قسمة الملك : وتقدم في استنباط المعادن وبناء المدائن ونصب الأعلام والمنارات وإبداع الصناعات وجر المياه

الصفحة 14