كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
على كنوز جدك مصرام . فلما سمع ذلك منها ضمن لها أن يفعل ، ودلته على الكنوز التي كانت لجدة تحت المدائن المعلقة ، وكيف يصير إليها ويمتنع من الأرواح الموكلة بها وما يبخرها به . فلما فرغ من ذلك قال لها : كيف لي بأن أراك في الأوقات وأسألك عما أريده ، أأصير إليك في هذا المكان أو غيره ؟ قالت : أما هذا المكان فلا تقدر بعد وقتك هذا عليه ؛ لأن الأفعى التي رأيتها فيه قيمته لأن فيه آية تمنع أن يوقف عليها في وقتنا هذا ، ولكن إن أحببت أن تراني فدخن في البيت الذي تعمله لي بكذا وكذا : أشياء ذكرتها له ، منها : عظام ما يقربه له من القرابين والذبائح والصموغ ، فغني أتخيل لك وأخبرك بكل حق وباطل مما يكون في بلدك . فلما سمع ذلك منها سر به وغابت عنه ، وظهرت الأفعى وخرج هارباً وجعل على الكوة سداً ، وعمل ما أمرته به وأخرج كنوز جده .
وعمل من العجائب بأمسوس وغيرها ما يطول شرحه . وعمل القبة المركبة على سبعة أركان ، ولها سبعة أبواب ، على كل باب صورة معمولة ، وكان يقال لها قبة القصر . وكان السبب في بنائها أن بعض الكهان جار في قضية قضى بها ؛ وذلك أن بعض العامة أتاه يشكو امرأته - وكان يحبها والمرأة تبغضه - وسأله أن يقومها له ، وكانت المرأة من أهل بيت الكاهن ، فمالأها على زوجها ، وأمره بتخليتها فلم يفعل ، فحبسه وشدد عليه ، وكان من أهل الصناعات ، فاجتمع جماعة من أهل صنعته ممن كان قد عرف حال المرأة معه وأنها له ظالمة وهو لها منصف ، فوقفوا على ظلم الكاهن فاستعدوا عليه عند خليفة الملك . فاحضر الكاهن وسأله ، فذكر أنه لم يحكم إلا بواجب . فأحضر رؤساء الكهنة والقوم الذين شهدوا للرجل ، فوقف على ظلم الكاهن فأحرج الرجل وحبس الكاهن مكانه ، وأمر بعقوبة المرأة وردها إلى زوجها ورفع ذلك إلى الملك ، فأمر بإخراج الكاهن من رسم الكهانة ، وأن يعاقب ويحبس إلى أن يرى فيه رأيه . واهتم الملك لذلك وخشي أن يجري من غير ذلك الكاهن في أمر الرعية مثل ما جرى منه ، فبات مهموماً . ثم فكر في أمر النار ، فأتى إلى بيت النار ودخن بالدخنة التي أمرته بها ، فأتته وخاطبته . فسألها أن تعمل له

الصفحة 16