كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
وضعت الزانية يدها عليها ارتعدت حتى تكف عن زناها . وما كان من أعمال الليل بخرت ليلاً ، وما كان من أعمال النهار بخرت نهاراً . وكانت تعمل أعمالاً كثيرة إلى أن أزالها الطوفان .
قال : وفي بعض كتب القبط أنها وجدت بعد الطوفان وأنهم استعملوها وعبدوها .
وصورتها مصورة في جميع البرابي ، واسمها نبلوية ، والذي دلهم عليها قرابة فليمون الكاهن . قال : وعمل سوريد عجائب كثيرة ، منها الصنم الذي يقال له نكرس المعمول من عدة أخلاط كان يعمل أعمالاً كثيرة في الطب ودفع الأسقام والعلل ، ويعرفون به من تبرئة الأدوية فيعيش ، وإن كان يموت فله علامات فيقصرون عن علاجه ، وكانوا يغسلون المواضع التي بإزاء أعضاء العلل منه ويسقى لصاحب الداء فيزول عنه . وهو أول من عمل الأفروثنات وزبر فيها جميع العلوم . وهو الذي بنى الهرمين الكبيرين .
ذكر خبر بناء الأهرام وسبب بنائها وشيء من عجائبها
قال : كان بناء الأهرام قبل الطوفان بنحو ثلاثمائة سنة . وقد ذكرنا فيما سلف من كتابنا هذا نبذة من خبر الأهرام في الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأول ؛ وذلك في السفر الأول من هذه النسخة . ونحن الآن نذكر من خبرها خلاف ما قدمناه مما أورده إبراهيم بن القاسم الكاتب مما اختصره من كتاب العجائب الكبير لإبراهيم بن وصيف شاه . قال : كان سبب بنائها أن الملك سوريد رأى رؤيا أفزعته ؛ رأى كأن الأرض انقلبت بأهلها ، وكأن الناس يخرون على رءوسهم ، وكأن الكواكب تتساقط ويصدم بعضها بعضاً بأصوات هائلة مفزعة ، فغمه ذلك ولم يذكره لأحد ، وعلم أنه سيحدث في العالم أمر عظيم . ثم رأى بعد ذلك بأيام كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صور طيور تنصب ، وكأنها لتخطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين ، وكان الجبلين انطبقا عليهم ، وكأن الكواكب النيرة مظلمة كاسفة ، فانتبه أيضاً مذعوراً فزعاً ، فدخل إلى هيكل الشمس وجعل يمرغ خديه ويبكي . ولما أصبح أمر بجمع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصرفاً فاجتمعوا ، وكانوا مائة وثلاثين ، فخلا بهم وقص عليهم رؤياه ، فأعظموه وأكبروه وأولوه على أمر عظيم يحدث في العالم . فقال لهم فليمون - وكان من كبارهم وكان لا يبرح من حضرة الملك لأنه رأس كهنة أمسوس - : إن في رؤيا الملك لعجباً وأمراً كبيراً ، والملوك رؤياهم لا تجري على فساد ولا كذب

الصفحة 19