كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
العلوم . والمرتبة الثانية لمن يعبد ستة من الكواكب ، وهم اللاحقون بالدرجة الأولى . ثم يسمون صاحب الخمسة وما دونها كل واحد باسم ، فجعل في كل ناحية من الهرم مرتبة من هذه المراتب ، فأجسادهم هناك وما عملوا من العجائب . وجعل في الحيطان من كل جانب مما يدور أصناماً تعمل بأيديها جميع الصنائع على مراتبها وأقدارها ، وصفة كل صنعة وعلاجها وما يصلح لها ، وكذلك أصحاب النواميس ومن عالج شيئاً من الأشياء وجعل فيها أموال الكواكب التي أهديت إليها الكواكب وأموال الكهنة . وجعل لكل هرم منها خادماً ، فخازن الهرم الشرقي صنم من جزع أسود مجزع بأسود وأبيض له عينان مفتوحتان براقتان وهو جالس على كرسي ، ومعه شبيه بالحربة ، إذا نظر إليه الناظر سمع من جهته صوتاً كالرعد يكاد يفزع قلبه ، فيهيم على وجهه ويختلس عقله ، ولا يكاد يفارق الهرم حتى يموت فيه . وجعل خازن الهرم الآخر من حجر الصوان المجزع ، معه شبيه بالحربة ، وعلى رأسه حية تطوق بها ، من قرب منه وثبت عليه من ناحيته وتطوقت في عنقه فقتلته ثم تعود إلى مكانها . وجعل خازن الهرم الثالث صنماً صغيراً من حجر البهتة على قاعدتيه ، من نظر إليه اجتذبه إليه حتى يلتصق به فلا يفارقه حتى يموت . فلما فرغ من ذلك حصنها بالأرواح وذبح لها الذبائح لتمنع عن نفسها من أرادها إلا من قرب إليها وعمل لها أعمال الوصول فإنه يصل إليها . قال : وذكر القبط أنه كتب عليها اسم الملك والوقت الذي بناها فيه ، ويقول : إنا بنيناها في ست سنين فقل لمن يأتي بعدنا يهدمها في ستمائة سنة فإن الهدم أهون من البنيان . وإنا كسوناها الديباج الملون المذهب المرقوم بالذهب فقل لمن يأتي بعدنا يكسوها حصيراً . فنظروا فوجدوا أحداً لا يقوم بهدمها وكسوتها لأنه لا يستطاع ذلك ولا يقدر عليه . قال : وحكى عن هذه الأهرام عجائب يطول الشرح بذكرها ؛ منها أن المأمون لما دخل إلى مصر أحب أن يهدم أحدها ليعلم ما فيها ، فقيل له : إنك لا تقدر على

الصفحة 22