كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 24 """"""
خفافيش بقدر العقبان تضرب وجوههم ، فانتهوا إلى لصب في حائط تخرج منه ريح باردة لاتفتر ، فذهبوا ليدخلوا فانطفأت سرجهم ، فجعلوها في زجاج وذهبوا ليدخلوا فكاد اللصب ينطبق عليهم فهابوه فقال أحدهم : اربطوا وسطي بحبل وأنا أدخل ، فإذا كاد اللصب ينطبق فجروني إليكم ، وكان على باب اللصب ، أجرته فارغة يعلمون أن أجساد موتاهم داخل ذلك اللصب فربطوه بالحبل ، فلما تقحم اللصب انطبق عليه فجره أصحابه فلم يقدروا على نزعه وسمعوا عظامه تتكسر ، وسمعوا صيحة هائلة فسقطوا على وجوههم لا يعقلون . فلما أفاقوا طلبوا الخروج فأخرجهم أصحابهم بشدة ، وسقط بعضهم في وقت صعودهم من الزلاقة فنزل ، وخرجوا من الهرم فجلسوا في سفحه متعجبين ، فإنهم كذلك إذا أخرجت لهم الأرض صاحبهم يتكلم بكلام كاهني فسره لهم بعض أصحاب الديارات بالصعيد : هذا جزاء من يطلب ما ليس له ؛ ثم سقط ميتاً ، فحملوه وفطن بهم فاخذوا وأتى بهم إلى الوالي فحدثوه بالخبر . وفي خبر آخر : أن قوماً دخلوا الهرم وانتهوا إلى أسفله وطوفوه فعرض لهم مثل الطريق فساروا فيه فوجدوا قبة تحتها كالمطهرة يقطر فيها ماء فينش ثم يغيض ولم يدروا ما هو ، ووجدوا موضعاً كالمجلس المربع حيطانه كلها بحجارة ملونة عجيبة ، فقلع أحدهم منها حجراً وجعله في كمه فانسدت أذناه من الريح ، ولم تزل تصر وهو معه ، ووجدوا مكاناً كالفوارة العظيمة فيها ذهب مضروب كثير يكون الدينار منه زهاء مائة مثقال ، فأخذوا منه شيئاً فلم يستطيعوا أن يمشوا ولم يتحركوا حتى تركوه من بين أيديهم . ووجدوا في مكان آخر كالصفة فيها شيخ من حنتم أخضر كأنه مشتمل بشمله ، وبين يديه تماثيل صغار في صور الصبيان وكأنه يعلمهم ، فاخذوا منه شيئاً فلم يقدروا أن يتحركوا فردوه ، ومشوا أيضاً في ذلك الطريق فوجدوا بيتاً

الصفحة 24