كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 274 """"""
وثارت الحرب بين عبس وذبيان ابني بغيض ، فركدت أربعين سنة لم تنتج ناقة ولا فرس فيها لاشتغالهم بالحرب . فبعث حذيفة بن بدر ابنه مالكا إلى قيس بن زهير يطلب منه حق السبق ، فقال قيس : كلا لا مطلتك به ، ثم أخذ الرمح فطعنه فدق صلبه ، ورجعت فرسه غائرة ، واجتمع الناس فحملوا دية مالك ناقة عشراء وزعموا أن الربيع بن زياد العبسي حملها وحده فقبضها حذيفة وسكن الناس .
ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة من أرض الشربة فأخبر حذيفة بمكانه ، فعدا عليه فقتله ، ففي ذلك يقول عنترة :
فلله عيناً من رأى مثل مالك . . . عقيرة قوم أن جرى فرسان
فليتهما لم يجريا قيد غلوة . . . وليتهما لم يرسلا لرهان
فقالت بنو عبس : مالك بن زهير بمالك بن حذيفة وردوا علينا مالنا ، فأبى حذيفة أن يرد شيئاً ، وكان الربيع بن زياد مجاوراً لبني فزارة .
قال : فلما قتل مالك بن زهير جعل بنو فزارة يتساءلون ويقولون : ما فعل حماركم ؟ قالوا : صدناه ، فقال لهم الربيع : ما هذا الوحي ؟ قالوا : قتلنا مالك ابن زهير ، قال : بئس ما فعلتم بقومكم قبلتم الدية ورضيتم بها ثم غدرتم فقالوا : لولا أنك جارنا لقتلناك ، وكانت خفرة الجار ثلاثاً ، فقالوا له : بعد ثلاث ليال أخرج عنا ، فخرج واتبعوه فلم يلحقوه حتى لحق بقومه ، وأتاه قيس بن زهير فعاقده . ثم نهضت بنو عبس وحلفاؤهم بنو عبد الله بن غطفان إلى بني فزارة وذبيان ورئيسهم الربيع بن زياد ورئيس بني فزارة حذيفة بن بدر ،
يوم المريقب لبني عبس على بني ذبيان
فالتقوا بذي المريقب من أرض الشربة فاقتتلوا ، فكانت الشوكة في بني فزارة قتل منهم عوف بن بدر بن عمرو بن أبي الحصين ، أحد بني عدي بن فزارة وجماعة كثيرة . وفي هذه الوقعة يقول عنترة الفوارس :
ولقد علمت إذ التقت فرسانها . . . يوم المريقب أن ظنك أحمق

الصفحة 274