كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
تلبانة عدي .
قال : ولكل من هذه الأهرام والبرابي قرابين وبخورات تظهر كنوزها وتؤلف بين الناس والروحانيين الذين بها .
ولنرجع إلى أخبار الملوك قال : وأقام سوريد في الملك مائة سنة وسبع سنين ، وقد كان منجموه عرفوه الوقت الذي يموت فيه واليوم والساعة ، فأوصى إلى ابنه هرجيب وعرفه ما يعمل ، وأمره أن يدخل جسده الهرم ، وأن يجعله في الجرن الذي أعده لنفسه وبغشيه بكافور ، ويحمل معه ما أعده من فاخر الثياب والسلاح والآلات ، فامتثل جميع ما أمره به .
ولما مات ملك بعده ابنه هرجيب بن سوريد فسار بسيرة أبيه في العدل والعمارة والرأفة بالناس ، فاحبوه . وبنى الهرم الأول من أهرام دهشور وحمل إليه من المال والجوهر . وكان غرضه جمع المال وعمل الكيمياء واستخراج المعادن ودفن ما تهيأ له من الكنوز في كل سنة . وكانت له ابنة أفسدت مع بعض خدمه فنفاها إلى ناحية الغرب ، وأمر أن تبنى لها مدينة هناك ويقام عليها علم ويزبر عليها اسمها ، وأسكن معها كل امرأة مسنة من أهل بيته . قال : وشج رجل رجلاً فأمر بقطع أصابعه ، ووجد سارقاً من العامة رقه الذي سرق منه ، وعمل منارات ومصانع وطلسمات ، وملكهم نيفاً وسبعين سنة .
وملك عليهم بعده ابنه منقاوش بن هرجيب وكان جباراً أثيماً فآذى الناس وسفك الدماء واغتصب النساء واستخرج كنوز آبائه ، وبنى قصوراً بالذهب والفضة وأجرى فيها الأنهار ، وجعل حصباءها من صنوف الجواهر ، وتخرق في الهبات وأغفل العمارات فأبغضه الناس ، وأباح أصحابه غصب نساء العامة ، وأطاف به أهل الشر من كل ناحية ، وكان يفترع الناس قبل أزواجهن ، وامتنع عليه قوم في شيء أمرهم به فأحرقهم بالنار ، وسلط رجلاً من الجبارين اسمه قرناس من ولد ورداديس بن آدم على الناس ووجهه لمحاربة الأمم الغربية فقتل منهم أمماً .
وكان أشجع أهل زمانه ثم هلك ، فاغتم عليه الملك أمر أن يدفن مع الملوك في الهرم . ويقال : بل عمل له ناووساً وأقام

الصفحة 28