كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 280 """"""
بظعائن يندبنك ، فقال هاشم : والله لوددت أني قد بريت الرطبة - وهي جمة معاوية ، وكانت الدهر تنظف ماءً ودهناً وإن لم تدهن - فلما كان بعد حين تهيأ معاوية ليغزو هاشماً ، فنهاه أخوه صخر ، فأبى وغزاهم يوم حوزة ، فرآه هاشم ابن حرملة قبل أن يراه معاوية ، وكان هاشم ناقهاً من مرض أصابه ، فقال لأخيه دريد بن حرملة : إن هذا إن رآني لم آمن أن يشد علي ، وأنا حديث عهد بشكية ، فاستطرد له دوني حتى تجعله بيني وبينك ، ففعل ، فحمل عليه معاوية وأردفه هاشم ، فاختلفا طعنتين فأردى معاوية هاشماً عن فرسه الشماء ، وأنفذها هاشم سنانه عن عانة معاوية ، وكر عليه دريد وظنه قد أردى هاشماً ، فضرب معاوية بالسيف فقتله ، وشد خفاف بن عمرو على مالك بن حمار الفزاري فقتله . قال : وغارت الشماء فرس هاشم حتى دخلت في جيش بني سليم فأخذوها وظنوا أنها فرس الفزاري الذي قتله خفاف ، ورجع الجيش ، فلما دنوا من صخر أخي معاوية قال لهم : ما صنع معاوية ؟ قالوا قتل قال : فما هذه الفرس ؟ قالوا : قتلنا صاحبها قال : إذا قد أردكتم ثأركم ، هذه فرس هاشم بن حرملة .
قال : فلما دخل رجب ركب صخر بن عمرو الشماء صبيحة يوم حرام ، فأتى بني مرة ، فلما رأوه قال لهم هاشم : هذا صخر فحيوه وقولوا له خيراً ، وهاشم مريض من الطعنة التي طعنه معاوية ، فقال : من قتل أخي ؟ فسكتوا ، فقال : لمن هذه الفرس التي تحتي ؟ فسكتوا . فقال هاشم : هلم أبا حسان إلى من يخبرك قال : من قتل أخي ؟ فقال هاشم : إذا أصبتني أو دريداً فقد أصبت ثأرك فقال : هل كفنتموه ؟ قال : نعم ، في بردين : أحدهما بخمس وعشرين بكرة وأروه قبره ، فلما رأى القبر جزع عنده ثم قال : كأنكم ما رأيتم من جزعي ، فوالله ما بت منذ عقلت إلا واتراً أو موتوراً ، وطالباً أو مطلوباً حتى قتل معاوية ، فما ذقت طعم نوم بعده .
يوم حوزة الثاني
قال : ثم غزا صخر فلما دنا منهم مضى على الشماء ، وكانت غراء محجلة ، فسود غرتها وتحجيلها ، فلما رأته بنت هاشم قالت لعمها دريد : أين

الصفحة 280