كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 282 """"""
لعمري لقد نبهت من كان نائماً . . . وأمسعت من كانت له أذنان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه . . . وقد حيل بين العير والنزوان
قال : فلما طال عليه البلادء - وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اليد في موضع الطعنة - قالوا له : لو قطعتها لرجونا أن تبرأ ، فقال شأنكم فقطعوها فمات ، فقالت أخته الخنساء ترثيه :
وقائلة والنعش قد فات خطوها . . . لتدركه يا لهف نفسي على صخر
ألا ثكلت أم الذين غدوا به . . . إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر
يوم اللوى لغطفان على هوازن
قال أبو عبيدة : غزا عبد الله بن الصمة - واسم الصمة : معاوية الأصغر - من بني غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن - وكان لعبد الله ثلاثة أسماء وثلاث كنى ، فاسمه : عبد اله ، وخالد ، ومعبد ، وكنيته أبو فرعان ، وأبو دفافة ، وأبو وفاء ، وهو أخو دريد بن الصمة لأبويه - فأغار على غطفان فأصاب منهم إبلاً عظيمة فاطردها ، فقال له أخوه دريد : النجاء فقد ظفرت ، فأبى عليه وقال : لا أبرح حتى أنتقع نقيعتي - والنقيعة : ناقة ينحرها من وسط الإبل فيصنع منها طعاماً لأصحابه ، ويقسم ما أصاب عليهم - فأقام وعصى أخاه ، فتبعته فزارة فقاتلوه وهو بمكان يقال له اللوى ، فقتل عبد الله ، وارتث وعصى أخاه ، فتبعته فزارة فقاتلوه وهو بمكان يقال له اللوى ، فقتل عبد الله ، وترتث دريد فبقي في القتلى ، فلما كان في بعض الليل أتاه فارسان ، فقال أحدهما لصاحبه : إني أرى عينية تبص ، فأنزل فانظر إلى سبته ، فنزل فكشف ثوبه فإذا هي ترمز ، فطعنه ، فخرج دم قد احتقن .
قال دريد : فأفقت عندها ، فلما جاوزوا نهضت ، فما شعرت إلا وأنا بين عرقوبي جمل امرأة من هوازن ، فقالت : من أنت ؟ أعوذ بالله من شرك قلت : لا ، بل من أنت ؟ ويلك قالت : امرأة من هوازن سيارة . قلت : وأنا من هوازن ، أنا دريد بن الصمة . قال : وكانت في قوم مختارين لا يسعرون بالوقعة ، فضمته وعالجته حتى أفاق .

الصفحة 282