كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 284 """"""
ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه ، وارتاب دريد وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل ، فلحق ربيعة وقد دنا من الحي ، فوجد أصحابه قد قتلوا ، فقال : أيها الفارس ، إن مثلك لا يقتل ، ولا أرى معك رمحاً والخيل ثائرة بأصحابها ، فدونك هذا الرمح فإني منصرف إلى أصحابي فمثبطهم عنك ، فانصرف دريد وقال لأصحابه : إن فارس الظعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع رمحي ، ولا مطمع لكم فيه فانصرفوا ، فانصرف القوم ، فقال دريد :
ا إن رأيت ولا سمعت بمثله . . . حامي الظعينة فارساً لم يقتل
أردى فوارس لم يكونوا نهزة . . . ثم استمر كأنه لم يفعل
متهللاً تبدو أسرة وجهه . . . مثل الحسام جلته كف الصيقل
يزجي ظعينته ويسحب رمحه . . . متوجهاً يمناه نحو المنزل
وترى الفوارس من مخافة رمحه . . . مثل البغاث خشين وقع الأجدل
يا ليت شعري من أبوه وأمه . . . يا صاح من يك مصله لا يجهل
وقال ربيعة بن مكدم :
إن كان ينفعك اليقين فسائلي . . . عني الظعينة يوم وادي الاخرم
إذ هي لأول من أتاها نهبه . . . لولا طعان ربيعة بن مكدم
غذ قال لي أدنى الفوارس ميتة . . . خل الظعينة طائعاً لا تندم
فصرفت راحلة الظعينة نحوه . . . عمداً ليعلم بعض ما لم يعلم وهتكت بالرمح الطويل إهابه . . . فهوى صريعاً لليدين وللفم
ومنحت آخر بعده جياشه . . . نجلاء فاغرة كشدق الأصجم
ولقد شفعتهما بآخر ثالث . . . وأبى الفرار لي الغداة تكرمي
ثم لم تلبث بنو كنانة أن أغارت على بني جشم ، فقتلوا وأسروا دريد بن الصمة فأخفى نفسه ، فبينما هو عندهم محبوس إذ جاءه نسوة تتهادين إليه . فصرخت إحداهن وقالت : هلكتم وأهلكتم ما جر علينا قومنا هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ثم ألقت عليه ثوبها وقالت : ياآل فراس ، أنا جارة له منكم ، هذا صاحبنا يوم الوادي فسألوه : من هو ؟ فقال : أنا دريد بن الصمة فمن صاحبي ؟ قالوا : ربيعة بن مكدم ،

الصفحة 284