كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 289 """"""
ابن ضرار الضبي زيد الفوارس ، فجمع أبوه ضرار قومه وخرج ثائراً بابنه حصين ، وزيد الفوارس يومئذ حدث لم يدرك ، فأغار على بني عمرو بن كلاب ، وأفلت منه عتبة بن شتير وأسر أباه شتير بن خالد وكان شيخاً كبيراً ، فأتى به قومه فقال : يا شتير ، اختر واحدة من ثلاث ، قال : اعرضها علي ، قال : إما أن ترد ابني حصيناً قال : إني لا انشر الموتى قال : وإما أن تدفع إلى ابنك عتبة أقتله به قال : لا يرضى بذلك بنو عامر ، قال : وإما أن أقتلك . قال : أما هذه فنعم فأمر ضرار ابنه أدهم أن يقتله ، فلما قدمه ليضرب عنقه نادى شتير يا آل عامر صبراً بصبي كأنه أنف أن يقيل بصبي فقال في ذلك شمعلة :
وخيرنا شتيراً من ثلاث . . . وما كان الثلاث له خيارا
جعلت السيف بين الليت منه . . . وبين قصاص لمته عذارا
أيام تميم على بكر يوم الوقيط
قال فراس بن خندف : تجمعت اللهازم لتغير على تميم وهم غارون ، فرأى ذلك ناشب بن شامة العنبري الأعور ، وهو أسير في بني سعد بن مالك من بني ثعلبة ، فقال لهم : أعطوني رسولاً أرسله إلى بني العنبر أوصيهم بصاحبكم خيراً ليولوه ما تولونني من البر . وكان حنظلة بن طفيل المرثدي أسيراً في بني العنبر ، فقالوا : على أن توصيه ونحن حضور ، وقال نعم ، فأتوه بغلام ، فقال : أتيتموني بأحمق ، وما أراه مبلغاً عني قال الغلام : لا والله ما أنا بأحمق ، وقل ما شئت فإني مبلغه ، فملأ الأعور كفه من الرمل فقال : كم في كفي منه ؟ قال : شيء لا يحصى كثرة ، ثم أومأ إلى الشمس فقال : ما تلك ؟ قال : هي الشمس . قال : شيء لا يحصى كثرة ، ثم أومأ إلى الشمس فقال : ما تلك ؟ قال : هي الشمس . قال : فاذهب إلى أهلي فأبلغهم عني التحية وقل لهم : ليحسنوا إلى أسرهم ويكرموه فإني عند قوم محسنين إلي مكرمين لي وقل لهم ليعروا جملي الأحمر : ويركبوا ناقتي العيساء ، ويرعوا حاجتي في نبي مالك ، وأخبرهم أن العوسج قد أورق ، وقد اشتكت النساء ، وليعصموا همام بن بشامة فإنه مشئوم محدود . ويطيعوا ابن الأخنس فإنه حازم ميمون .

الصفحة 289