كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 299 """"""
في الإبل مالك بن المنتفق ، فركب فرساً له ونجا ركضاً حتى إذا دنا من قومه نادى : يا صباحاه ، فركبت بنو ضبة ، وتداعت بنو تميم ، فتلاحقوا بالنقا ، فقال عاصم بن خليفة لرجل من فرسان قومه : أيهم رئيس القوم ؟ قال : حاميتهم صاحب الفرس الأدهم - يعني بسطاماً - فعلا عاصم عليه بالرمح فطعنه ، فلتخطئ صماخ أذنه حتى خرج الرمح من الناحية الأخرى وخر . فلما رأى ذلك بنو شيبان خلو سبيل النعم وولوا الأدبار ، فمن قتيل وأسير ، وأسر بنو ثعلبة نجاد بن قيس أخا بسطام في سبعين من بني شيبان : وقال شمعلة بن الأخضر بن هبيرة :
ويوم شقائق الحسنين لاقت . . . بنو شيبان آجالاً قصارا
شككنا بالرماح وهن زور . . . صماخي كبشهم حتى استدارا
أيام بكر على تميم يوم الزويرين
قال أبو عبيدة : كانت بكر بن وائل تنتجع أرض بني تميم في الجاهلية ترعى بها إذا أجدبوا ، فإذا أرادوا الرجوع لم يدعوا عودة يصيبونها ولا شيئاً يظفرون به إلا اكتسحوه ، فقال بنو تميم : امنعوا هؤلاء القوم من رعي أرضكم ، فحشدت تميم ، وحشدت بكر واجتمعت ، فلم يتخلف عنهم إلا الحوفزان بن شريك في أناس من بني ذهل بن شيبان ، وكان غازياً ، فقدمت بكر عليهم عمر الأصم أبا مفروق - وهو عمرو بن قيس بن مسعود بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان - فحسد سائر ربيعة الأصم على الرياسة ، فأتوه فقالوا : يا أبا مفروق ، إنا قد زحفنا لتميم وزحفوا لنا أكثر ما كنا وكانوا قط . قال : فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن نجعل كل حي على حياله ، ونجعل عليهم رجلاً منهم ، فنعرف غناء كل قبيلة ، فإنه أشد لاجتهاد الناس . قال : والله إني لأبغض الخلاف عليكم ، ولكن يأتي مفروق فينظر فيما قلتم . فلما جاء مفروق شاوره أبوه ، فقال له مفروق : ليس هذا أرادوا ، وإنما أرادوا أن يخدعوك عن رأيك وحسدوك على رياستك ، والله لئن لقيت القوم فظفرت لا يزال لنا الفضل بذلك أبداً ، ولئن ظفر بك لا تزال لنا رياسة نعرف بها ، فقال الأصم : ياقوم ، قد استشرت مفروقاً فرأينه مخالفاً لكم ، ولست مخالفاً رأيه وما أشار به . فأقبلت تميم بجملين مجلين مقرونين مقيدين وقالوا : لا نولي حتى يولى هذا الجملان ، وهما الزويران ،

الصفحة 299