كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 308 """"""
يوم قضة
قال : ثم إن المهلهل أسرف في القتل ولم يبال بأي قبيلة من قبائل بكر وقع ، وكانت أكثر بكر قعدت عن نصرة بني شيبان لقتلهم كليباً ، وكان الحارث بن عباد قد اعتزل تلك الحروب ، حتى قتل ابنه بجير بن الحارث بن عباد ، فلما بلغه قتله قال : نعم القتيل أصلح بين ابني وائل ، وظن أن المهلهل قد أدرك به ثأر كليب وجعله مفؤاً له ، فقيل له : إنما قتله بشسع نعل كليب . وكان المهلهل قال لما قتل بجير بن الحارث : بؤ بشسع نعل كليب ، فلما سمع الحارث ذلك غضب ، وكان له فرس يقال له النعامة ، فركبها وتولى قتال تغلب بنفسه ، فكانت الدائرة فيه على تغلب ، فتفرقت قبائل تغلب وهرب المهلهل . وقال الحارث بن عباد : قوبا مربط النعامة مني . . . لقحت حرب وائل عن حيالي
قربا مربط النعامة مني . . . شاب رأسي وأنكرتني رجالي
لم أكن من جناتها علم الل . . . ه وإني بحرها اليوم صال
في قصيدة طويلة نحو المائة بيت كرر فيها : قربا مربط النعامة مني في خمسين بيتاً وكان أول يوم شهده الحارث يوم قضة ، وهو يوم تحلاق اللمم ، وفيه يقول طرفة :
سائلوا عنا الذي يعرفنا . . . بقوانا يوم تحلاق اللمم
يوم تبدي البيض عن أسوقها . . . وتلف الخيل أعراج النعم
يوم تحلاق اللمم
ويوم تحلاق اللمم ، إنما سمى بذلك لأن الحارث بن عباد لما تولى الحرب قال لقومه : احملوا معكم نساءكم يكن من ورائكم ، فإذا وجدن جريحاً منهم قتلوه ، وإذا وجدن جريحاً منا سقينه وأطعمنه ، فقالوا : ومن أين يتميز لهن ؟ فقال : احلقوا رءوسكم

الصفحة 308