كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 310 """"""
فلما قتلاه وانصرفا نحو بيته فقالا : مات بأرض كذا وذكرا وصيته ، فلم يدر أحد ما أراد ، فقالت ابنته : والله ما كان أبي ردي الشعر ، ولا سفساف الكلام ، وإنما أراد أن يخبركم أن العبدين قتلاه ، وإنما معنى البيت :
من مبلغ عني بأن مهلهلاً . . . أضحى قتيلاً بالفلا مجدلا
لله دركما ودر أبيكما . . . لا يبرح العبدان حتى يقتلا
فقتل العبدان بعد أن أقرا بذلك . وقيل : إنه أصبح قتيلاً بين رجلي جمل هاج . والله تعالى أعلم بالصواب .
الكلاب الأول
قال أبو عبيدة : لما تسافهت بكر بن وائل وغلبها سفهاؤها ، وتقاطعت أرحامها ؛ ارتأى رؤساؤهم فقالوا : إن سفهاءنا قد غلبوا على أمرنا ، فأكل القوي الضغيف ، فنرى أن نملك علينا ملكاً نعطيه الشاة والبعير ، فيأخذ للضعيف من القوي ، ويرد على المظلوم من الظالم ، ولا يمكن أن يكون من بعض قبائلنا فيأباه الآخرون ، فيفسد ذات بيننا ، ولكننا نأتي تبعاً فنملكه علينا ، فأتوه فذكروا له أمرهم فملك عليهم الحارث بن عمرو آكل المرار الكندي ، فقدم فنزل بطن عاقل . ثم غزا ببكر بن وائل حتى انتزع عامة ما في أيدي ملوك الحيرة اللخميين ، وملوك الشام الغسانيين ، وردهم إلى أقاصي أعمالهم ، ثم طعن في نيطة فمات فدفن ببطن عاقل . واختلف ابناه شرحبيل وسلمة في الملك ، فتواعدا الكلاب ، فأقبل شرحبيل في ضبة والرباب كلها ، وبني يربوع ، وبكر بن وائل . وأقبل سلمة في تغلب والنمر وبهراء ومن تبعه من بني مالك بن حنظلة ، وعليهم سفيان بن مجاشع ، وعلى تغلب السفاح ، وإنما قيل له السفاح لأنه سفح أوعية قومه وقال لهم : اندروا إلى ماء الكلاب ، فسبقوا ونزلوا عليه ، وإنما خرجت بكر مع شرحبيل لعداوتها لبني تغلب ،

الصفحة 310