كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 311 """"""
فالتقوا على الكلاب ، واستحر القتل في بني يربوع ، وشد أبو حنش على شرحبيل فقتله ، وكان شرحبيل قد قتل ابنه حنشاً ، فأراد أبو حنش أن يأتي برأسه إلى سلمة ، فخافه فبعثه مع عسيف له ، فلما رآه سلمة دمعت عيناه وقال له : أنت قتلته ؟ قال لا ، ولكن قتله أبو حنش ، إنما أدفع الثواب إلى قاتله ، فهرب أبو حنش منه ، فقال سلمة في ذلك :
ألا أبلغ أبا حنش رسولاً . . . فمالك لا تجيء إلى الثواب
تعلم أن خير الناس طراً . . . قتيل بين أحجار الكلاب
يوم الصفقة وهو يوم الكلاب الثاني
قال أبوعبيدة : كان يوم الكلاب متصلاً بيوم الصفقة . وكان من حديث الصفقة أن كسرى كان قد أوقع ببني تميم ، فأخذ الأموال وسبى الذراري بمدينة هجر ، وذلك أنهم أغاروا على لطيمة له فيها مسك وعنبر وجوهر كثير ، فسميت تلك الوقعة يوم الصفقة ، ثم إن بني تميم أداروا أمرهم ، وقال ذو الحجى منهم : إنكم قد أغضبتم الملك ، وقد أوقع بكم حتى وهنتم ، وتسامعت بما لقيتم القبائل ، ولا تأمنون دوران العرب .
فجمعوا سبعة من رؤسائهم وشاوروهم في أمرهم ، وهم : أكثم بن صيفي الأسدي ، والاحيمر بن يزيد بن مرة المازني ، وقيس بن عاصم المنقري ، وأبير بن عصمة التيمي ، والنعمان بن جساس التيمي ، وأبين بن عمرو السعدي ، والزبرقان بن بدر السعدي فقالوا لهم : ماذا ترون ؟ فقال أكثم بن صيفي ، وكان يكنى أبا حنش : إن الناس قد بلغهم ما لقينا ، ونخاف أن يطمعوا فينا ، وإني قد نيفت على التسعين ، وقد نحل قلبي كما نحل جسمي ، وأخاف ألا يدرك ذهني الرأي لكم ، فليعرض علي كل رجل منكم رأيه وما يحضره فإني متى أسمع الحزم أعرفه ، فقال كل منهم ما عنده ، وأكثم ساكت لا يتكلم ، حتى قام النعمان بن الجساس فقال : يا قوم ، أنظروا ماءً يجمعكم ولا يعلم الناس بأي ماء أنتم حتى تنفرج الحلقة عنكم ، وقد صلحت أحوالكم ، وانجبر كسيركم ، وقوى ضعيفكم ، ولا أعلم ماءً يجمعكم إلا قدة ، فقال أكثم : هذا هو الرأي ، فارتحلوا

الصفحة 311