كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 313 """"""
وتقدمت سعد والرباب في أوائل الخيل والتقوا بالقوم فلم يلتفتوا إليهم ، واستقبلوا النعم ولم ينتظر بعضهم بعضاً . ورئيس الرباب النعمان بن الجساس ورئيس بني سعد قيس بن عاصم ، فالتقى القوم ، فكان النعمان أول صريع ، واقتتل الفريقان حتى حجز بينهم الليل ، ثم أصبحوا على راياتهم ، فنادى قيس بن عاصم : يا آل سعد يريد سعد بن زيد ، ونادى عبد يغوث : يا آل سعد يريد سعد العشيرة ، فلما سمع قيس ذلك نادى : يا آل كعب يريد كعب بن سعد ، ونادى عبد يغوث : يا آل كعب يريد كعب بن عمرو ، فلما رأى ذلك نادى يا آل مقاعس فلما سمع وعلة ابن عبد الله الجرمي - وكان صاحب لواء أهل اليمن - نادى : يا آل مقاعس ، تفاءل بع فطرح له اللواء ، وكان أول من انهزم ، فحملت عليهم سعد والرباب فهزموهم ، ونادى قيس بن عاصم : يا آل تميم ، لا تقتلوا إلا فارساً فإن الرجالة لكم ، ثم جعل يرتجز ويقول :
لما تولوا عصباً شوازباً . . . أقسمت لا أطعن إلا راكباً
إني وجدت الطعن فيهم صائباً وأمر قيس بت عاصم أن يتبعوا المنهزمة ، ويعرقبوا من لحقوه ، ولا يشتغلوا بالقتل عن أتباعهم ، فخروا دوابرهم ، وفي ذلك يقول وعلة :
فدي لكم أهلي وأمي ووالدي . . . غداة كلاب إذ تحز الدوابر
وأسر عبد يغوت ، أسره مصاد بن ربيعة بن الحارث وكتفه وأردفه خلفه ، وكان مصاد قد أصابته طعنة في مأبضه ، وكان عرقه يهمى ، فنزفه الدم ، فمال عن فرسه مقلوبا . فلما رأى ذلك عبد يغوث قطع كتافه وأجهز عليه وانطلق على فرسه ، وذلك أول النهار ، ثم ظفر به بعد في آخره ، ونادى مناد : قتل اليزيدون ، وشد قبيصة بن ضرار الضبي على ضمرة بن لبيد الحماسي الكاهن فطعنه فخر صريعاً ، فقال له قبيصة : ألا أنبأك تابعك بمصرعك اليوم ، ثم أسر عبد يغوث ، أسره عصمة بن أبير التيمي .

الصفحة 313