كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 316 """"""
يوم فيف الريح
قال أبو عبيدة : تجمعت قبائل مذحج وأكثرها بنو الحارث بن كعب ، وقبائل من مراد وجعفي وزبيد وخثعم ، وعليهم أنس بن مدرك ، وعلى بني الحارث الحصين ، فأغاروا على بني عامر بن صعصعة بطيف الريح ، وعلى بني عامر ، عامر بن مالك ملاعب الأسنة .
قال : فاقتتل القوم ، فكسروهم ، وارفضت قبائل من بني عامر ، وصبرت بنو نمير ، وأقبل عامر بن الطفيل وخلفه دعى بني جعفر فقال : يا معشر الفتيان ، من ضرب ضربة أو طعن طعنة فليشهدني فكان الفارس إذا ضرب ضربة أو طعن طعنة ، قال عند ذلك : أبا علي ، فبينما هو كذلك إذ أتاه مسهر بن يزيد الحارثي ، فقال له من ورائه : عندك يا عامر والريح عند أذنه فوهصه - أي طعنه - ، فأصاب عينه ، فوثب عامر عن فرسه ونجا على راحلته ، وأخذ مسهر رمح عامر ، ففي ذلك يقول عامر بن الطفيل من أبيات :
لعمري وما عمري على بهين . . . لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
وقال مسهر - وقد زعم أنهم أخذوا امرأة عامر - :
وهصت بخرص الرمح مقلة عامر . . . فأضحى نحيفاً في الفوارس أعورا
وغادر فينا رمحه وسلاحه . . . وأدبر يدعو في الهوالك جعفرا
وكنا إذا قيسية ذهبت بنا . . . جرى دمعها من عينها فتحدرا
مخافة ما لاقت حليلة عامر . . . من الشر إذ سربالها قد تعفرا
قال : وكانت هذه الوقعة وقد بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة ، وأدرك مسهر بن يزيد الإسلام فأسلم .
يوم زرود الأول
غزا الحوفزان حتى انتهى إلى زرود خلف جبل من جبالها ، فأغاروا على نعم كثير لبني عبس فاجتازوها ، وأتى الصريخ لبني عبس فركبوا ، ولحق عمارة بن زياد العبسي الحوفزان فعرفه - وكانت أم عمارة قد أرضعت مضر بن شريك ، وهو أخو

الصفحة 316