كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 317 """"""
الحوفزان - فقال : يا بني شريك ، قد علمتم ما بيننا وبينكم ، قال الحوفزان - وهو الحارث بن شريك - : صدقت يا عمارة ، فانظر كل شيء هو لك فخذه ، فقال عمارة : لقد علمت نساء بني بكر بن وائل أني لن أملا أيدي أزواجهن وأبنائهن شفقة عليهن من الموت ، فحل عمارة ليعارض النعم ليرده ، وحال الحوفزان بينه وبين النعم ، فعثرت بعمارة فرسه فطعنه الحوفزان ، وطعنه نعامة بن عبد الله بن شريك : وأسر ابنا عمارة : سنان وشداد ، وكان في بني عبس رجلان من طيء : ابنان لأوس ابن حارثة ، مجاورين لهم ، وكان لهما أخ أسير في بني يشكر ، فلما فقدته بنو شيبان نادوا : يا ثارات معدان فعند ذلك قتلوا إبني عمارة وهرب الطائيان بأسيرهما . فلما برئ عمارة من جراحه أتى طيئاً فقال : ادفعوا إلي هذا الكلب الذي قتلنا به ، فقال الطائي لأوس : ادفع إلى بني عبس صاحبهم ، فقال لهم : تأمرنني أن أعطي بني عبس قطرة من دمي ، وإن ابني أسير في بني يشكر ؟ فوالله ما أرجو فكاكه إلا بهذا . فلما قفل الحوفزان من غزوه بعث إلى بني يشكر في ابن أوس ، فبعثوا به إليه ، فافتدى به معدان ، وقال نعامة بن شريك :
استنزلت رماحنا سنانا . . . وشيخنا بطخفة عنانا
ثم أخوه قد رأى هوانا . . . لما فقدنا بيننا معدانا
يوم غول الأول وهو يوم كنهل
قال أبو عبيدة : أقبل ابنا هجيمة - وهما من غسان - في جيش فنزلا في بني يربوع ، فجاورا طارق بن عوف بن عاصم بن ثعلبة بن يربوع ، فنزلا معه على ماء يقال له : كنهل ، فأغار أناس من ثعلبة بن يربوع ، فاستاقوا نعمهما وأسروا من كان في النعم ، فركب قيس بن هجيمة بخيله حتى أدرك بني ثعلبة ، فكر عليه عتيبة بن الحارث ، فقال له قيس : عل لك يا عتيبة إلى البراز ؟ قال ، ما كنت لأسأله وأدعه ، فبارزه ، قال عتيبة : فما رأيت فارساً أملأ لعيني منه ، فطعنني فأصاب قربوس سرجي ، حتى وجدت مس السنان في باطن فخذي ، ثم أرسل الرمح وهو يرى أن قد أثبتني وانصرف فأتبعته الفرس ، فلما سمع زجلها رجع جانحا على قربوس سرجه ، وبدا لي فرج الدرع فطعنته بالرمح ، فقتلته وانصرفت فلحقت النعم ، وأقبل الهرماس بن هجيمة فوقف على أخيه قتيلاً ، ثم ابتغى فقال : هل لك في البراز ؟ فقلت : لعل الرجعة خير لك ، قال : أبعد قيس ؟ ثم شد علي وضربني على البيضة ، فخلص السيف إلى رأسي ، فضربته ، فقتله فقال جرير :
وساق ابني هجيمة يوم غول . . . إلى أسيافنا قدر الحمام

الصفحة 317