كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 324 """"""
شباب من بني كنانة وعليها برقع فأعجبهم ما رأوا من هيئتها ، فسألوها أن تسفر عن وجهها ، فأبت عليهم ، فاتى أحدهم ، من خلفها فشد دبر درعها بشوكة إلى ظهرها وهي لا تدري ، فلما قامت تقلص الدرع عن دبرها ، فضحكوا وقالوا : منعتنا النظر إلى وجهها فقد رأينا دبرها ، فنادت المرأة : يا آل عامر فتحاور الناس ، وكان بينهم قتال ودماء يسيرة ، فحملها حرب بن أمية وأصلح بينهم .
الفجار الثالث وهو بين كنانة وهوازن
وكان الذي هاجه أن رجلاً من بني كنانة كان عليه دين لرجل من بني نضر بن معاوية ، فأعدم الكناني ، فوافى النضري بسوق عكاظ بقرد ، فأوقفه في سوق عكاظ فقال : من يبيعني مثل هذا بما لي على فلان حتى أكثر في ذلك . وإنما فعل ذلك تعبيراً للكناني ولقومه ، فمر به رجل من بني كنانة فضرب القرد بالسيف فقتله فهتف النضري : ياآل هوازن وهتف الكناني : ياآل كنانة فهاج الناس حتى كاد أن يكون بينهم قتال ، ثم رأوا الخطب يسيرا فتراجعوا .
قال أبو عبيدة : إنما سميت هذه الأيام بالفجار لأنها كانت في الأشهر الحرم ، وهي الشهور التي يحرمونها ، وهذه يقال لها أيام الفجار الأول .
الفجار الآخر وهو بين قريش وكنانة كلها وبين هوازن
وإنما هاجها البراض بقتله عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ، فأبت أن تقتل بعروة البراض لأن عروة سيد هوازن ، والبراض خليع من بني كنانة ، وأرادوا أن يقتله سيداً من قريش .
وهذه الحرب كانت قبل مبعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بست وعشرين سنة ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كنت أنبل على أعمامي يوم الفجار وأنا ابن أربع عشرة سنة " يعني أناولهم النبل .
وكان سبب هذه لحرب أن النعمان بن المنذر اللخمي ملك الحيرة كان يبعث إلى سوق عكاظ في كل عام لطيمة في جوار رجل شريف من أشراف العرب يجيرها له ، حتى تباع هنالك ويشتري له بها من أدم الطائف ما يحتاج إليه . وكانت سوق عكاظ تقوم في أول يوم من ذي القعدة ، فيتسوقون إلى حضور الحجج ، ثم يحجون ، فجهز النعمان عير اللطيمة ثم قال : من يحيرها ؟ فقال البراض بن قيس الضمري : أنا أجيرها على بني كنانة ، فقال النعمان : ما أريد إلا رجلاً يجيرها على

الصفحة 324