كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 326 """"""
البراض ثم ضربه فقتله ، ووضع السيف خلف الباب وأقبل إلى الغنوي فقال : ما وراءك ؟ قال : أجبن من صاحبك ، تركته قائماً في البيت الذي فيه الرجل ، والرجل نائم لا يتقدم إليه ولا يتأخر عنه ، قال الغنوي : يالهفا لو كان لي من ينظر راحلتينا ، قال البراض : هما علي إن ذهبنا ، فانطلق الغنوي والبراض خلفه حتى إذا جاور الغنوي باب الخربة أخذ البراض السيف من خلف الباب ثم ضربه حتى قتله وأخذ سلاحيهما وراحلتيهما وانطلق .
وبلغ قريشاً خبر البراص بسوق عكاظ ، فخلصوا نجياً ، واتبعتهم قيس لما بلغهم أن البراض قتل عروة الرحال ، وعلى قيس أبو برإ عامر بن مالك ، فادركوهم وقد دخلوا الحرم ، فنادوهم : يا معشر قريش ، إنا نعاهد الله ألا نبطل دم عروة أبداً ، أو نقتل به عظمياً منكم ، وميعادنا معكم هذه الليلة من العام القابل ، فقال حرب بن أمية لأبي سفيان ابنه : قل لهم : إن موعدكم قابل في هذا اليوم ، فقال خداش بن زهير في هذا اليوم ، وهو يوم نخلة ، من أبيات أولها :
يا شدة ما شددنا غير كاذبة . . . على سجينة لولا الليل والحرم
وكانت العرب تسمى قريشاً سخينة لأكلها السخن .
يوم شمظة وهو يوم نخلة من الفجار الآخر
قال : فجمعت كنانة قرشيها وعبد منانها والأحابيش ومن لحق بهم من بني أسد بن خزيمة ، وألبس يومئذ عبد الله بن جدعان مائة كمي السلاح بأداة كاملة ، سوى ما ألبس من قومه ، والأحابيش بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة . قال : وجمعت سليم وهوازن وجموعهما وأخلافهما ، غير كلاب وبني كعب فإنهما لم يشهدا يوماً من أيام الفجار غير يوم نخلة ، فاجتمعوا بشمظة من عكاظ في هذه الأيام التي تواعدوا فيها على قرن الحول ، وعلى كل قبيلة من قريش وكنانة سيدها ، وكذلك على قبائل قيس ، غير أن أمر كنانة كلها إلى حرب بن أمية ، وعلى إحدى مخبتيها عبد الله بن جدعان ، وعلى الأخرى كريز بن ربيعة ، وحرب بن أمية في القلب ، وأمر هوازن كلها إلى مسعود بن معتب الثقفي ، فزحف بعضهم إلى بعض ، فكانت الدائرة في أول النهار لكنانة على هوازن ، حتى إذا كان من آخر النهار تداعت هوازن وصابرت ، وانكشفت كنانة فاستحر القتل فيهم ، فقتل منهم تحت رايتهم مائة رجل ، ويقال ثمانون ، ويم يقتل من قريش أحد يذكر ، فكان هذا اليوم لهوازن على كنانة .

الصفحة 326