كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 330 """"""
القيظ ويدنيها منك ، فأقرهم ، حتى إذا قاظوا نزلت بكر حنو ذي قار ، فأرسل إليهم كسرى النعمان بن زرعة يخيرهم بين ثلاث خصال : إما أن يسلموا الحلقة ، وإما أن يعروا الديار ، وإما أن يأذنوا بحرب . فتنازعت بكر بينها ، فهم هانئ بن قبيصة بركوب الفلاة ، وأشار به على بكر وقال : لا طاقة لكم لجموع الملك ، فلم تر من هانئ سقطة قبلها .
وقال حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي : لاأرى غير القتال فإن إن ركبنا الفلاة لمتنا عطشاً ، وإن أعطينا بأيدينا نقتل مقائتنا وتسبى ذرارينا ، فراسلت بكر عنها وتوافت بذي قار ، ولم يشهدها أحد من بني حنيفة ، ورؤساء بكر يومئذ ثلاثة نفر : هانئ بن قبيصة الشيباني ، ويزيد بن مسهر الشيباني ، وحنظلة بن ثعلبة العجلي .
فقال حنظلة بن ثعلبة لهانئ بن قبيصة : يا أبا أمامة . إن ذمتكم ذمتنا عامة ، وإنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا ، فاخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك ، فإن تظفر فسترد عليك ، وإن تهلك فأهون مفقود ، ففرقها فيهم . وقال للنعمان : لولا أنك رسول ما أبت إلى قومك سالماً .
قال : فعقد كسرى للنعمان بن زرعة على تغلب والنمر . وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وغياد . وعقد لإياس بن قبيصة على جميع العرب ، ومعه كتيبتاه : الشهباء ودوسر . وعقد للهامرز التستري على ألف من الأساورة ، وكتب إلى قيس بن مسعود بن خالد ذي الجدين - وكان عامله على طف سفوان - يامره أن يوافي إياس بن قبيصة ، فسار إليه .
وسار إياس بمن معه من الجند وغيرهم ، فلما دنوا من بكر أقبل قيس بن مسعود إلى قومه ليلاً ، فأمرهم بالصبر ثم رجع .
فلما التقى الزحفان وتقرب القوم ، قام حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي فقال : يا معشر بكر ، إن نشاب الأعاجم يفرقكم ، فعاجلوهم إلى اللقاء وابدءوهم بالشدة ،

الصفحة 330