كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 331 """"""
وقال هانئ بن مسعود : ياقوم ، مهلك مقدور ، خير من منجي مغرور .
إن الجزع لا يرد القدر ، وإن الصبر من أسباب الظفر ، المنية خير من الدنية ، واستقبال المنية خير من استدبارها ، فالجد الجد ، فما من الموت بد .
ثم قام حنظلة بن ثعلبة فقطع وضن النساء فسقطن إلى الأرض وقال : ليقاتل كل رجل عن حليلته ، فسمى مقطع الوضن .
قال : وقطع يومئذ سبعمائة من بني شيبان أيدي أقبيتهم من مناكبها لتخف أيديهم لضرب السيوف فتجالد القوم ، وقتل يزيد بن حارثة اليشكري الهامرز مبارزة ، ثم قتل يزيد بعد ذلك . فضرب الله وجوه الفرس فانهزموا ، واتبعتهم بكر حتى دخلوا السواد في طلبهم ، وأسر النعمان بن زرعة التغلبي . ونجا إياس بن قبيصة على فرسه الحمامة ، فكان أول من انصرف إلى كسرى بالهزيمة هو . وكان لا يأتيه أحد بهزيمة جيش إلا نزع كتفيه . فلما أتاه إياس بن قبيصة سأله عن الجيش فقال : هزمنا بكر بن وائل وأتيناك ببناتهم . فأعجب ذلك كسرى وأمر له بكسوة ، ثم استأذنه إياس فقال : أخي قيس بن قبيصة مريض بعين التمر ، فأردت أن آتيه ، فأذن له .
ثم أتى كسرى رجل من أهل الحيرة وهو بالخورنق فسال : هل دخل على الملك أحد ؟ فقال : إياس ، فظن أنه قد حدثه الخبر ، فدخل عليه وأخبره بهزيمة القوم وقتلهم ، فأمر به فنزعت كتفاه . وقد أكثرت الشعراء في يوم ذي قار . فمن ذلك ما قاله أعشى بكر من قصيدة له :
لو أن كل معد كان شاركنا . . . في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
لما أمالوا إلى النشاب أيديهم . . . ملنا يبيض لمثل الهام تختطف
يطارق وبنو ملك مرازية . . . من لأعاجم في آذانها النطف
كأنما الآل في حافات جمعهم . . . والبيض برق بدا في عارض يكف
ما في الخدود صدود عن سيوفهم . . . ولا عن الطعن في اللبات منحرف

الصفحة 331