كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
ذكر من ملك مصر بعد الطوفان من الملوك
قال إبراهيم بن القاسم الكاتب : قال إبراهيم بن وصيف شاه : أجمع أهل الأثر أن أول من ملك مصر بعد الطوفان مصريم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام ، وذلك بدعوة سبقت له من جده . وكان السبب في ذلك أن فليمون الكاهن سأل نوحاً عليه السلام أن يخلطه بأهله وولده وقال : يا نبي الله ، إني قصدتك رغبة في الإيمان بالله سبحانه وتعالى وتصديقك يا نبي الله ، وتركت وطني وبلدي فاجعل لي رفعة وقدراً أذكر بهما ن بعدي ، فزوج نوح عليه السلام بيصر بن حام بنت فليمون الكاهن فولدت له ولداً سماه فليمون مصريم باسم بلده فلما أراد نوح قسمة الأرض بين بنيه قال له فليمون : ابعث معي يا نبي الله ابني حتى أمضى به إلى بلدي وأظهره على كنوزه وأوقفه على علومه ورموزه ، فأنفذه معه في جماعة من أهل بيته ، وكان غلاماً مراهقاً ، فلما قرب من مصر بنى له عريشاً من أغصان الشجر وستره بحشيش الأرض ، ثم بنى بعد ذلك في الموضع مدينة وسماها درسان ، أي باب الجنة ، فزرعوا وغرسوا الأشجار والأجنة من درسان إلى البحر . فصارت هناك زروع واجنة وعمارة وكان الذين مع مصريم جبابرة ، فقطعوا الصخور وبنوا المعالم والمصانع وأقاموا في أرغد عيش .
ونكح مصريم امرأة من بنات الكهنة فولدت له ولداً سماه فبطيم ، ونكح قبطيم بعد سبعين سنة من عمره امرأة ولدت له أربعة نفر ، وهم : قفطريم ، وأشمون ، وأتريب ، وصا ، وكثروا وعمروا الأرض ، ولورك لهم فيها . وقيل : كان عدد من وصل مع مصريم ثلاثين نفراً فبنوا مدينة سماها مافه ، ومعنى مافه ثلاثون بلغتهم ، وهي منف ، وكشف أصحاب فليمون عن كنوز مصر وعلموهم خط البرابي ، وأثاروا لهم المعادن من الذهب والزبرجد والفيروزج والأسباد شم وغير ذلك ، ووصفوا لهم

الصفحة 35