كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 39 """"""
قال وقيل : إن هذا الصنم على حالته إلى الآن ، وإن الناس تحاموا تلك المدينة على كثرة ما فيها من الكنوز والعجائب الظاهرة خوفاً من ذلك الصنم أن تقع عين الإنسان عليه فلا يزال قائماً حتى يتلف . قال : وكان بعض الملوك عمل على قلعه فما أمكنه ، وهلك لذلك خلق كثير . ويقال : إنه عمل في بعض المدن الداخلة مرآة من أخلاط ترى جميع ما يسأل الإنسان عنه وهي غربي البلد . قال : وعمل خلف الواحات الداخلة مدناً عمل فيها عجائب كثيرة ووكل بها الروحانيين الذين يمنعون منها ؛ فما يستطيع أحد أن يدنو منها ولا يدخلها أو يعمل قرابين أولئك الروحانيين فيصل إليها حينئذ ويأخذ من كنوزها ما أحب من غير مشقة ولا ضرر . قال : وأقام قفطريم ملكاً أربعمائة سنة . وأكثر العجائب عملت في وقته ووقت ابنه البودسير . وكان الصعيد أكثر عجائب من أسفل الأرض . قال : وفي آخر أيام قفطريم هلكت عاد بالريح العقيم . ولما حضرت قفطريم الوفاة عمل له ناووس من الجبل الغربي قرب مدينة الكهنة ، كان عمله لنفسه قبل موته في سرب في الجبل كهيئة الدار الواسعة وجعل دورها خزائن منقورة ، وجعل في سقوفها في مسارب للرياح ، وبنى ذلك بالمرمر ، وجعل في وسط الدار مجلساً على ثمانية أركان مصفحاً بالزجاج الملون المسبوك ، وجعل في سقفه جواهر وحجارة تسرج ، وجعل في كل ركن من أركان المجلس تمثالاً من الذهب بيده كالبوق ، وجعل تحت القبة دكة مصفحة بالذهب ، وجعل لها حوافي زبرجد ، وفرش فوق الدكة فرش الحرير ، وجعل عليها جسده بعد أن لطخ بالأدوية الممسكة ، ومن جوانبه آلات الكافور المخروطة ، وسدلت عليه ثياب منسوجة بالذهب ، ووجهه مكشوف وعلى رأسه تاج ملكه ، وعن جوانب الدكة أربع تماثيل مجوفات من زجاج مسبوك مثل صور النساء وألوانهن ، بأيديهن كالمراوح من ذهب ، وعلى صدره من فوق الثياب سيف صاعقي قائمه من الزبرجد ، وجعل في تلك الخزائن : من الزبرجد وسبائك الذهب والتيجان والجواهر وبراني الحكم وأصناف العقاقير والطلسمات ، ومن المصاحف الحاوية لجميع العلوم ، مال لا يحصى قدره كثرة ؛ وجعل على باب المجلس ديك من ذهب على قاعدة من زجاج أخضر منشور الجناحين مزبور عليه آيات عظام مانعة ، وجعل على مدخل كل أزج صورتين من

الصفحة 39