كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
أبيه مصرايم ثم تركها . وكان نقراوس جباراً له يد وبسطة ، وكان مع ذلك كاهناً عالماً ، له معاون من الجن ، فملك بني أبيه ولم يزل مطاعاً فيهم . وقد كان وقع إليه من العلوم التي كان زرابيل علمها من آدم . قال : فهو وبنوه الجبابرة الذين بنوا الأعلام ، وأقاموا الأساطين العظام ، وعملوا المصانع ، ووضعوا الطلسمات ، واستخرجوا المعادن ، وقهروا من ناوأهم من ملوك الأرض ولم يطمع طامع فيهم . وكل علم جليل في أيدي المصريين إنما هو من فضل علم أولئك القوم ، كان مرموزا على الحجارة . فيقال إن فليمون الكاهن الذي كان ركب مع نوح عليه السلام في السفينة هو الذي فسرها لهم وعلمهم كتابتها ، وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر فيلمون في موضعه . قال : ثم أمرهم نقراوس حين استقر أمرهم ببناء مدينة فقطعوا الصخور والأحجار من الجبال ، وأثاروا معادن الرصاص وبنوا مدينة وسموها أمسوس ، وأقاموا بها أعلاماً ، طول كل علم مائة ذراع ، وعمروا الأرض ، وأمرهم ببناء المدائن والقرى ، واسكن أهل كل بيت ناحية من أرض مصر ، وهم الذين حفروا النيل حتى أجروا ماءه إليهم ، ولم يكن معتدل الحفر إنما كان يتسطح ويتفرق في الأرض ، قال : ووجه إلى بلد النوبة جماعة حتى هندسوه وشقوا منه أنهاراً إلى مواضع كثيرة من مدنهم التي بنوها ، وشقوا نهراً عظيماً إلى مدينتهم أمسوس يجري في وسطها وغرسوا عليه الغروس ، فكثر خيرهم وعزت أرضهم وتجبر ملكهم . قال : وبعد مائة وعشرين سمة من ملكه أمر بإقامة الأساطين العظام وزبر عليها ذكر دخولهم البلد ، وكيف نزلوا به ، وحربهم لمن حاربوه من الأمم . ثم أمر ببناء قبة على أساطين مثبتة في الرصاص ، طولها مائة ذراع ، وجعل على رأسها مرآة من زبرجد أخضر ، قطرها سبعة أشبار ترى خضرتها على أمد بعيد ، قال : وفي مصاحف المصريين أنه سأل الذي كان معه أن يعرفه مخرج النيل ، فحمله حتى أجلسه على جبل القمر خلف

الصفحة 4