كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
واعبدهم . قال : وقال الكلبي : قال الله لهم : اختاروا ثلاثة فاختاروا عزا وهو هاروت ، وعزايا وهو ماروت ، وغير اسمها لما قارفا الذنب ، وعزابيل ؛ فركب الله فيهم الشهوة التي ركبها في بني آدم وأهبطهم إلى الأرض ، وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق ، ونهاهم عن الشرك والقتل بغير حق ، ونهاهم عن الزنا وشرب الخمر . فأما عزابيل فإنه لما وقعت الشهوة في قلبه استقال ربه وسأله أن يرفعه إلى السماء فأقاله ورفعه ؛ فسجد أربعين سنة ثم رفع رأسه . ولم يزل بعد ذلك مطأطئاً رأسه حياءً من الله تعالى . وأما الآخران فإنهما بقيا على ذلك ، وكانا يقضيان بين الناس يومهما فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء . قال قتادة : فما مر عليهما أشهر حتى افتتنا . قال الثعلبي : قالوا جميعاً : وذلك أنه اختصم إليهما ذات يوم الزهرة ، وكانت من أجمل النساء . قال علي رضي الله عنه : كانت من أهل فارس ، وكانت ملكة في بلدها ، فلما رأياها أخذت بقلوبهما ، فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت ، ثم عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك ، فأبت وقالت : لا إلا تعبدا ما أعبد ، وتصليا لهذا الصنم ، وتقتلا النفس ، وتشربا الخمر ، فقالا : لا سبيل إلى هذه الأشياء ؛ فإن الله عز وجل نهانا عنها ، فانصرفت ؛ ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من خمر وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها ، فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا : الصلاة لغير الله عظيم ، وقتل النفس عظيم ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ؛ فشربا فانتشيا ووقعا بالمرأة وزنيا ، فلما فرغا رآهما إنسان فقتلاه . قال الربيع بن أنس : وسجدا للصنم فمسخ اله عز وجل الزهرة كوكباً .
وقال علي بن أبي طالب والسدي والكلبي رضي اله عنهم : إنها قالت لهما : لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء . فقالا : باسم الله الأكبر . قالت : فما أنتما بمدركاني حتى تعلمانيه . فقال أحدهما لصاحبه : علمها قال : إني أخاف الله . قال الآخر : فأين رحمة الله فعلماها ذلك . فتكلمت به وصعدت إلى السماء . فمسخها الله تعالى كوكباً . فعلى قول هؤلاء هي الزهرة بعينها ، وقيدوها فقالوا : هي هذه الكوكبة الحمراء واسمها بالفارسية ناهيد وبالنبطية بيدخت . قال : ويدل على صحة هذا القول مارواه الثعلبي بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا رأى سهيلاً قال : لعن الله سهيلاً إنه كان عشاراً باليمن ولعن الله الزهرة فإنها فتنت ملكين .

الصفحة 43