كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
فأحقلت ، ثم قلت : أفركي ، فأفركت ، ثم قلت : أطحني ، فأطحنت ، ثم قلت : أخبزي ، فأخبزت . فلما رأيت أني لا أريد شيئاً إلا كان ، سقط في يدي وندمت . والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئاً قط ، ولا أفعله أبداً .
قال : وقال بعضهم : إنهما لا يتعمدان تعليم السحر ولكنهما يصفانه ويذكران بطلانه ، ويأمران باجتنابه ، فيتعلم الشقي منهما في خلال صفتهما ويترك موعظتهما ونصيحتهما ، فلا يكون على هذا التأويل كفرا وإنما يكون العمل به كفراً . وقد أنكر بعضهم أن يكونا ملكين قال : وإنما كانا ملكين . وقرئ في الشواذ : وما أنزل على الملكين بكسر اللام . وقيل : كانا علجين ببابل . حكاه القاضي عياض في كتاب الشفا . والله تعالى أعلم . ولنرجع إلى أخبار عديم بن البودسير الملك . قال : وعديم أول من صلب ؛ وذلك أن امرأة زنت برجل من أهل الصناعات ، وكان لها زوج من أصحابه ، فأمر بصلبهما على منارتين ، وجعل ظهر كل منهما إلى ظهر صاحبه ، وزبر على المنارتين اسمهما ومافعلاه وتاريخ الوقت الذي عمل ذلك بهما فيه ، فانتهى الناس عن الزنا . قال : وبنى أربع مدائن وأودعها صنوفاً كثيرة من عجائب الأعمال والطلسمات وغير ذلك ، وكنز فيها كنوزاً كثيرة . وعمل في الشرق مناراً وأقام على رأسه صنماً موجهاً إلى الشرق ، مادا يدبه يمنع دواب البحر والرمال أن تتجاوز حده ، وزبر في صدره تاريخ الوقت الذي نصبه فيه ؛ ويقال : إن هذا المنار قائم إلى وقتنا هذا ؛ ولولاه لغلب الماء المالح من البحر الشرقي على أرض مصر . وعمل قنطرة على النيل في أول بلاد النوبة ونصب عليها أربعة أصنام موجهة إلى أربع جهات الدنيا في يدي كل صنم جرس يضرب به إذا أتاهم آت من تلك الناحية ؛ فلم تزل بحالها إلى أ ، هدمها فرعون

الصفحة 46