كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 47 """"""
موسى . وهو الذي عمل البربا على باب النوبة ، ويقال إنه عمل في إحدى المدائن الأربع التي ذكرناها حوضاً من صوان أسود مملوءاً ماء لا ينقص على طول الدهر ولا يتغير ؛ وكان أهل تلك الناحية يشربون منه ولا ينقص ماؤه ؛ وإنما عمل لبعدهم عن النيل وقربهم من البحر المالح . وقد ذكر بعض كهنة القبط أن ذلك لقربهم من البحر المالح . لأن الشمس فيما ذكروا ترفع بحرها بخاراً فيحصل من ذلك البخار حر بالهندسة ، وقيل بالسحر . وملكهم عديم مائة سنة وأربعين سنة ، ومات وهو ابن سبعمائة سنة وثلاثين سنة . وقيل : إنه دفن في إحدى المدائن ذات العجائب في أزج من رخام ملون بزرقة ، مبطن برخام أصفر ، وطلي جسده بما يمسكه ، وجعل كثير من ذخائره ، وذلك وسط المدينة ، فهي محروسة بما يمنع منها من الروحانيين .
قال : وذكر بعض القبط أن عديماً هذا عمل لنفسه في صحراء قفط على وجه الأرض قبة عظيمة من زجاج اخضر براق ، معقودة على ثمانية آزاج من صنفها ، على رأسها أكرة من ذهب ، عليها طائر من ذهب ، متوشح بجوهر ، منشور الجناحين ، يمنع من الدخول إليها ، وقطرها مائة ذراع في مثلها ، وجعل جسده في وسطها على سرير من ذهب مشبك وهو مكشوف الوجه ، وعليه ثياب منسوجة بذهب مغروزة بجوهر منظوم ؛ والآزاج مفتحة ، طول كل أزج ثمانية أذرع ، وارتفاع القبة أربعون ذراعاً تلقي الشعاع على ما حولها من الأرض ، وجعل حوله في القبة مائة وسبعون مصحفاً من مصاحف الحكمة ، وسبع موائد عليها أوانيها ، منها : مائدة من أدرك رماني أحمر وآنيتها منها . ومائدة من ذهب فيلموني يخطف البصر ، وهو من الذي تعمل منه تيجان الحكماء ، وآنيتها منها . ومائدة من حجر الشمس المضيء بآنيتها . ومائدة من الزبرجد المخروط الذي يخالطه شعاع أصفر بآنيتها ، قال : وهذا الزبرجد إذا نظرت إليه الأفاعي سالت عيونها . ومائدة من كبريت أحمر مدبر بآنيتها .
ومائدة من ملح مدبر براق يكاد نوره يخطف الأبصار بآنيتها . ومائدة من زئبق معقود وقوائمها وحافاتها من زئبق أصفر معقود مضيء ، وعليها آنية من زئبق أحمر معقود .
وجعل في القبة جواهر كثيرة ملونة وبراني صنعة مدبرة ، وجعل حوله سبعة أسياف صاعقية وكاهنية وأتراس

الصفحة 47