كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
من حديد أبيض مدبر ، وجعل معه تماثيل أفراس من ذهب ، عليها سروج من ذهب وسبعة توابيت من الدنانير التي ضربها وصور عليها صورته ، وجعل معه من أصناف العقاقير والسمومات والأدوية في براني الحنتم ، ومن أصناف الأحجار شيء كثير .
قال : وقد ذكر من رأي تلك القبة وأقاموا عليها أياماً فما قدروا على الوصول إليها ، وأنهم قصدوها وكانوا منها على مقدار ثمانية أذرع دارت القبة عن أيمانهم وشمائلهم وقد عاينوا مافيها . ومن أعجب ما ذكروا أنهم كانوا يحاذون آزاجها أزجاً أزجاً فلا يرون غير الصورة التي يرونها من الأزج الآخر على معنى واحد . وذكروا أنهم رأوا وجهه في قدر ذراع ونصف بالذراع الكبير ، ولحيته كبيرة مكشوفة ، وقدروا طول بدنه عشرة أذرع وزيادة ، وأنهم لما تهيأ أن يصلوا إليها فنى ماؤهم وخافوا على أنفسهم فرجعوا ليمتاروا ما يكفيهم من الزاد ففعلوا ، ثم رجعوا فأقاموا أياماً يطوفون تلك الصحراء ، ثم أخبروا أنهم رأوا بها عجائب كثيرة وصنوفاً من الوحش لم يروا مثلها . قال : وفي كتبهم أنهم لا يصلون إليها إلا بأن يذبح لها ديك أفرق ويبخر بريشه من بعد ، ثم يسأل من المريخ الوصول حتى يصل ، وتكون الكواكب النيرة على مثل ما كانت عليه وقت نصبها من اجتماعها في البروج : يكون زحل والمشتري والمريخ في برج واحد ، والشمس والقمر في برج واحد ، والزهرة وعطارد في برج واحد ، ويتكلم عليها بصلاة الكهنة سبع مرات ، فإذا وصل إليها لطخ حائطها بدم الديك الذي قربه لها ويأخذ ماشاء من المال والتماثيل ولا يكثر المقام فيها ولا يقيم غير ساعة واحدة .
قال : وذكر هؤلاء الذين رأوها أنهم لم يكونوا من تلك الناحية وإنما خرجوا يطلبون غيرها ؛ فإنهم سألوا أهل قفط عنها فلم يجدوا من يعرفها ولا رآها غير رجل شيخ منهم ، فإنه ذكر أن ابناً له خرج له خرج في بعض الأمور ومعه جمل له فرآها ولم يصل إليها ، وبحث عن أمرها فعرف أن قوماً من الشرق جاءوا في طلبها وانهم أقاموا يطوفون بقفط وخرجوا إليها فما رجع أحد منهم ولا عرف لهم خبر .

الصفحة 48