كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
قال : وكان عديم قد أوصى إلى ابنه شداث عند موته أن ينصب في كل حيز من أحياز عمومته مناراً ويزبر عليه اسمه ، فانحدر إلى الأشمونين فعمل مناراً وزبر عليه اسمه وعمل بها ملاعب ، وعمل في صحرائها مناراً وأقام عليه صنماً ذا رأسين باسم كوكبين كانا مقترنين في الوقت . وخرج إلى أتريب وبنى فيها قبة عظيمة مرتفعة على عمد وأساطين بعضها فوق بعض ، وجعل على رأسها صنماً صغيراً من ذهب ، وعمل هيكلاً للكواكب . وكان أبوه البودسير أول من أقام لكواكب فأخذ ذلك عنه . ومضى إلى حيز صا فعمل فيه مناراً على رأسه مرآة من أخلاط توري الأقاليم ، ورجع إلى أبيه فعهد له بالملك .
فملك شداث بن عديم وهو الذي بنى الأهرام الدهشورية من الحجارة التي قطعت في زمان أبيه . قال : من أنكر أن يكون العادية دخلوا مصر إنما غلطوا باسم شداث بن عديم فقالوا شداد بن عاد لأنه أكثر ما يجري على ألسنتهم ، وقلة ما يجري على ألسنتهم شداث بن عديم ؛ وإلا فما قدر أحد من الملوك يدخل مصر ولاقوى على أهلها غير بخت نصر . وشداث الذي عمل مصاحف النارنجيات ؛ وعمل هيكل أرمنت وأقام فيه أصناماً بأسماء الكوالكب من ذهب وفضة وحديد أبيض ونحاس مذهب ورصاص مصفى وزئبق معقود . وهذه الأجساد المعدنية في طباع الكواكب وفي قسمتها . فلما فرغ منه زينه بأحسن زينة ونقشه بأحسن النقوش من الجواهر الملونة والزجاج المعمول الملون وكساه الوشي والديباج ولم يترك شيئاً من التحف إلا عمله ، وكذلك عمل في المدن الداخلة من أنصنا هيكلاً ، والقبة التي أقامها بأتريب وهيكلاً شرقي الإسكندرية ، وأقام لزحل صنماً من صوان أسود على عبر النيل من الجانب الغربي ، وبنى شداث من الجانب الشرقي مدائن وجعل فيها صورة

الصفحة 49