كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 53 """"""
على المكروه . قال الملك : صدقت ، فكيف الوجه في هذا الأمر ؟ قالت : يأمر الملك بنزع هذا الصنم من مكانه ونقله إلى داره ففعل فبطل عمله ، وامتحن فلم يصنع شيئاً ، فعملت المرأة ما كانت همت به وانهمكت فيه .
قال : ويقال : إن منقاوش بنى هيكلاً للسحرة على جبل القصير وقدم عليه رجلاً منهم له مسيس ، فكانوا لا يطلقون الرياح للمراكب المقلعة إلا بضريبة يأخذونها منهم للملك . وكان الملك إذا ركب عملوا بين يديه التخابيل العجيبة ، فيجتمع الناس إليهم ويعجبون من أعمالهم ، وأمر أن يبنى لهم هيكل للعبادة يكون لهم خصوصاً ، وجعل فيه قبة فيها صورة الشمس والكواكب ، وجعل حولها أصناماً وعجائب ، وكان الملك يركب إليه ويقيم سبعة أيام ، وجعل فيه عمودين زبر عليهما تاريخ الوقت الذي عمل فيه ، وهما بعين شمس ، ونقل منقاوش إلى عين شمس كنوزاً وجواهر وطلسمات وعققير وعجائب ودفنها بها وبنواحيها .
قال : وكان منقاوش قسم خراج البلاد أرباعاً : فربع منه لملك خاصة يعمل منه ما يريد ، وربع لأرزاق خدمه ، وربع ينفق في مصالح الأرض وما يحتاج إليه من حفر ترعها وعمل جسورها وتقوية أهلها على العمارة ، وربع يدفن لحادثة تحدث وحاجة تنزل . وكان خراج البلد في ذلك الوقت مائة ألف ألف وثلاثة آلاف دينار .
وهو مقسوم على مائة وثلاث كور بعدة الآلاف . وأقام ملكاً إحدى وسبعين سنة ، ومات نم طاعون أصابه ، وقيل : من سم جعل له في طعامه ، وعمل ه ناووس في صحراء المغرب ، وقيل : في غربي قوص ؛ ودفن معه من مصاحف الحكمة والصنعة المعمولة وتماثيل الذهب والجوهر . ومن الذهب المضروب شيء كثير ، ودفن معه روحاني الشمس من ذهب يلمع ، وله جناحان من زبرجد ، وصنم على صورة امرأته التي كانت أحظى نسائه عنده وكان يحبها ، فأمر أن تعمل صورتها في هياكلهم جميعاً ،

الصفحة 53