كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 55 """"""
وأزلت عنه جميع علله ؛ فارتاع لذلك وأمر بالثور أن يغسل ويطيب وينظف ويدخل الهيكل ، أمر بعبادته . وعبد ذلك الثور مدة وصارت فيه آية أنه لا يبول ولا يروث ولا يأكل إلا أطراف ورق القصب الأخضر في كل شهر مرتين ، فافتتن الناس به وصار ذلك أصلاً لعبادة البقر .
قال : وابتنى مناوش مواضع وكنز فيها كنوزاً وأقام أعلاماً . وبنى في صحراء الغرب مدينة يقال لها ديماس وأقام فيها مناراً ودفن حولها كنوزاً . قال : ويقال : إن هذه المدينة قائمة ، وإن قوماً جازوا بها من نواحي الغرب وقد أضلوا الطريق فسمعوا بها عزيف الجن ورأوا أضواء نيرانهم . قال : وفي بعض كتبهم أن ذلك الثور ، بعد مدة من عبادتهم له ، أمرهم أن يعملوا صورته من ذهب أجوف ، ويؤخذ من رأسه هو شعرات ، ومن ذنبه ومن نحاته قرونه وأظلافه ، ويجعل في التمثال ، وعرفهم أنه يلحق بعلمه وأمرهم أن يجعلوا جسده في جرن من حجر أحمر ويدفن في الهيكل وينصب تمثاله عليه ، ويكون ذلك وزحل في شرفه والشمس مسعودة تنظر إليه من تثليث والقمر في الزيادة ، وينقش على التمثال علامات الكواكب السبعة ففعلوا ذلك ، وعملت الصورة من ذهب ملمع على شبه الثور ، وجعل له قرنان من ذهب وكللا بأصناف الجواهر ، وجعلوا عينيه جزعتين سواداً في بياض ، ودفن جسد الثور في الجرن الأحمر .
قال : وجعل في المدينة شجرة تطلع كل لون من الفاكهة ، ومناراً في وسطها طوله ثمانون ذراعاً ، وعلى رأسه قبة تلون في كل يوم لوناً حتى تمضي سبعة أيام ثم تعود إلى اللون الأول فيكسو المدينة من تلك الألوان ، وجعل حول المنار ماء شقه إليه من النيل ، وجعل في ذلك الماء سمكاً من ذلك اللون ، وجعل حول المدينة طلسمات رؤوسها رءوس قردة وأبدانها أبدان الناس ، كل واحد منها لدفع مضرة أو اجتلاب منفعة ، وعمل على أبواب المدينة ، وهي أربعة أبواب ، على كل باب صنماً ،

الصفحة 55