كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 56 """"""
ودفن تحت كل صنم كنزاً من الكنوز ؛ وباب كل واحد منها على قياس مائة ذراع منه إلى الجهة التي وجهه منصرف إليها ، وكتب على كل واحد منها قربانه وبخوره والوصول إليه ، وأسكنها السحرة فكانت تعرف بمدينة السحرة ، ومنها كانت أصناف السحرة تخرج .
قال : وأقام مناوش في الملك سبعاً وثلاثين سنة وهلك ، وعمل له ناووس تحت الجبل الغربي ، وجعل وصيته إلى ابنه من بعده هرميس بن منقاوش ، فملك إحدى عشرة سنة لم يبن بنياناً ولا نصب مناراً ولا عمل في أيامه أعجوبة حتى إنه لم يكن يذكر في عداد ملوكهم . فهذا ما أورده في أخبار قفطريم بن قبطيم وبنيه على توال واتساق فلنذكر أخبار أشمون .
ذكر أخبار أشمون ومن ملك من بنيه
هو أشمون بن قبطيم بن مصريم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام ؛ وهو أخو قفطريم أبي الملوك الذين قدمنا ذكرهم . كان ملكه من أشمونين إلى منف ، ومن الرق إلى البحر المالح ، ومن الغرب إلى حدود برقة ، وهو آخر حد مصر ، ومن الصعيد إلى حد أخميم . وكان ينزل مدينة الأشمونين وله بنيت وباسمه سميت ، وكان طولها اثني عشر ميلاً في مثلها . قال إبراهيم : وأشمون أول من اتخذ الملاعب بابصنا والبهنسا وغيرها ، وبنى الصور وغرس الغروس ، وبنى مدينة تعرف بقمنطر ذات العجائب ، وهي بالقرب من مدينة السحرة التي تقدم ذكرها في أخبار منقاوش . قال : وفي وسط هذه المدينة قبة تمطر شتاءً وصيفاً مطراً خفيفاً وتحت القبة مطهرة فيها ماء أخضر يتداوى به من كل داء فيبرئه ، وفي شرقها سرب لطيف له أربعة أبواب ، لكل باب منها عضادة صورة وجه يخاطب كل واحد منها صاحبه بما يحدث في قومه ، ومن دخل تلك البربا على غير طهارة نفخوا عليه فأصابته علة فظيعة لا تفارقه إلى أن يموت . وكانوا يقولون إن في وسطه مهبط النور وهو في صورة

الصفحة 56