كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 58 """"""
النيل . وقيل : إنه عمله لبناته لأنهن كن يمضين إلى هيكل الشمس . وكان هذا السرب مبلط الأرض والحيطان والسقف بالزجاج الثخين الملون . وقيل : إنه كان أطول أخوته ملكاً . وقال أهل الأثر : إنه ملك ثمانمائة سنة ، وغن قوم عاد انتزعوا منه الملك بعد ستمائة سنة من ملكه وأقاموا تسعين سنة واستوبئوا البلد فانتقلوا إلى الدثين من طريق الحجاز إلى وادي القرى فعمروها واتخذوا بها المنازل والمصانع فسلط الله عليهم الذر فأهلكهم ، وعاد ملك مصر إلى أشمون بعد خروجهم من البلد . ويقال : إنه ملكهم ثمانمائة سنة وثلاثين سنة ، ودفن في أحد الأهرام الصغار القبلية . وقيل : بل عمل له ناووس في غربي الأشمونين ودفن معه فيه من الأموال والعجائب شيء كثير ، وأصنام الكواكب السبعة التي كانت في هيكل المرآة التي ترى منها الأقاليم ، ودفن معه ألف سرج من ذهب وفضة ، وعشرة آلاف خابية صغار من ذهب وفضة وزجاج ، ألف عقار مدبرة لفنون الأعمال وزبر عليه اسمه ومدة ملكه والوقت الذي مات فيه .
واستخلف ابنه مناقيوس بن أشمون . وكان جلداً محنكاً فاستأنف العمارة وبنى القرى ونصب الأعلام ، وجمع الحكمة ومصاحف الملوك والحكماء وعمل العجائب ، وبنى لنفسه مدينة وانفرد بها ، وعمل عليها حصناً ونصب عليه أربعة أعلام ، في كل ركن من أركانه علم ، وبين تلك الأعلام ثمانون صنماً من نحاس وأخلاط ، في أيديها آلات السلاح وزبر على صدرها آياتها . قال : وكان بمنف رجل من أولاد الكهنة من أعلم الناس بالسحر وأبصرهم بأخذ التماسيح والسباع ، وكان يعلم الغلمان السحر فإذا حدقوا علم غيرها ، فأمر الملك أن تبنى به مدينة ويحول إليها فبنيت ، وهي إخميم . وملك مناقيوس نيفاً وأربعين سنة ومات فدفن في الهرم المحاذي لإطفيح ، ونقل معه شيء كثير من المال والجواهر والآنية والتماثيل ، وزبر عليه اسمه والوقت الذي مات فيه .

الصفحة 58