كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 15)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
والكواكب ، وغير ذلك من صنوف العجائب وكان يسرج بغير مصابيح ، وتنصب فيه موائد يوجد عليها من كل الأطعمة ولايدري من يعملها ، وكذلك الأشربة في أوان ، يستعمل منها ولاتنقص . وفي وسطه بركة من ماء جامد الظاهر ترى حركته من وراء ما جمد منه ، وأشياء كثيرة من هذا النوع وإن كانت تنبو عن العقول أعجبه ما رأى ، ورجع إلى مصرفاً مستخلف ابنه عرناق وأوصاه بما يريده وقلده الملك ، ورجع إلى ذلك القصر فأقام به حتى هلك هناك .
وإليه تعزى مصاحف القبط التي فيها تواريخهم وجميع ما يجري إلى آخر الزمان .
قالوا : ولم تطل مدة ملكه .
ثم ملك بعده ابنه عرناق بن عنقام . ملك بعد أبيه وعمل عجائب كثيرة ، منها شجرة صفر فيها أغصان حديد بخطاطيف حادة إذا تقرب منها الظالم والكاذب تقربت إليه تلك الخطاطيف فتعلقت به وشكت بدنه ولم تفارقه حتى يحدث عن نفسه بالصدق ويعترف بظلمه ويخرج عن ظلامة خصمه . وعمل صنماً من صوان أسود وسماه عبد قزويس ، أي عبد زحل ، فكانوا يحتكمون إليه ، فمن زاغ عن الحق ثبت في مكانه فلم يقدر على الخروج منه حتى ينصف من نفسه ولو أقام سنة أو أكثر . ومن كانت له حاجة منهم أو طلب شيئاً بخر الصنم ليلاً ونظر إلى الكواكب وذكر اسم عرناق وتصرع فيصبح وقد وجد حاجته على باب منزله . قال : وكان عرناق ربما حملته أطيار عظام وتمر به وهم يرونه . وكان ربما غضب على ناس فجعل ماءهم مراً لا يذاق ، وسلط عليهم وحوش الأرض وسباعها وهوامها . قال : و تجرأ على صيد السباع والوحوش ، وعمل عجائب ، منها انه عمل شجرة من حديد ذات أغصان لطخها بدواء مدبر ، فكانت تجتلب كل صنف من الوحش . قال : وفي كتب المصريين أن هاروت وماروت كانا في وقته وعلما أهل مصر أصنافاً من السحر ، ونقلا بعد الطوفان إلى بابل . وكان عرناق يجتلب النساء بسحره ويغتصبهن ، وكان يسكن

الصفحة 9