كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 100 """"""
قال عبد المطلب : أيها الملك ، لقد أبت بخبرٍ ما آب بمثله وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه ، لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سروراً . قال له الملك : هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد ؛ اسمه محمد ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، قد ولدناه مرارا والله باعثه جهارا وجاعلٌ له منا انصاراً يعز بهم أولياءه ، ويذل بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستفتح بهم كرائم الأرض ، يعبد الرحمن ، ويدحض أو يدحر الشيطان ، وتخمد النيرا وتكسر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله . قال له عبد المطلب : عز جدك ، ودام ملكك ، وعلا كعبك ، فهل الملك سارني بإفصاح ؟ فقد أوضح لي بعض الإيضاح ، قال له سيف ابن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، انك لجده يا عبد المطلب غير كذب ، قال . فخر عبد المطلب ساجدا فقال له سيف ارفع رأسك ، ثلج صدرك ، وعلا كعبك ، فهل أحسست بشيء مما ذكرت ؟ قال : نعم أيها الملك ، انه كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا واني زوجته كريمةً من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، فجاءت بغلام وسميته محمدا مات أبوه وأمه ، وكفلته انا وعمه . قال له ابن ذي يزن : الذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ بابنك واحذر عيلان ليهود ، فانهم أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلأن واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فاني لست آمناتداخلهم النفاسة ، مناتكون لكم الرياسة ، فيصبون له الحبائل ، ويبغون له الغوائل ، وهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم من غير شك ، ولولا اني أعلم الموت مجتاحي قبل مبعثه ، لسرت بخيلي ورجلي حتى أجيء يثرب دار ملكه ، فاني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق ، ابيثرب استحكام أمره ، وأهل نصرته ، وموضع قبره ، ولولا اني أقيه الآفات ، وأحذر عيلان لعاهات ، لأعليت على - حداثه

الصفحة 100