كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 102 """"""
وولده وليهبط إليه من كل بطن رجلٌ فليشنوا من الماء ، وليمسوا من الطيب ، ثم ليستلموا الركن . وفي رواية وليطوفوا بالبيت سبعا ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل ، وليؤمن القوم ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته ، ألا بعثتم شئتم وعشتم ، قالت : فأصبحت - عليم الله - مذعورةً قد اقشعر جلدي ، ووله عقلي ، واقتصصت رؤياي ، فوالحرمة والحرم ما بقي أبطحى إلا قال : هذا شيبة الحمد ، هذا شيبة ، وتتامت إليه رجالاً قريش ، وهبط إليه من كل بطن رجل ، فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبس ، وطفقوا جنابيه ما يبلغ سعيهم مهلة ، حتى إذا استوى بذروة الجبل ، قام عبد المطلب ومعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) غلام قد أيقع أو كرب ، فقال عبد المطلب : اللهم ساد الحلة ، وكاشف الكربة ، انت معلم ، وفي رواية عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل ، وهذه عبداؤك وإماؤك عذرات حرمك يشكون إليك سنتهم أذهبت الخف والظلف ، اللهم فأمطرن غيثاً مغدقاً مريعاً ؛ فوالكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بمائها واكتض الوادي بتجيجه ، فسمعت شيخا قريش وجلتها : عبد الله بن جذعان ، وحرب ابن أمية ، وهشام بن المغيرة ، يقولون لعبد المطلب : هنيئاً لك أبا البطحاء أي عاش بك أهل البطحاء ، وفي ذلك تقول رقيقة :
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا . . . لما فقدنا الحيا واجلّود المطر
فجاد بالماء جونيّ له سيل . . . دا فعاشت به الأنعام والشّجر
منّا من الله بالميمون طائره . . . وخير من بشّرت يوما به مضر
مبارك الأمر يستسقى الغمام به . . . ما في الأنام له عدل ولا خطر
وأما من بشر به ( صلى الله عليه وسلم ) قبيل مبعثه ، فمن ذلك خبر اليهودي الذي هو من بني عبد الأشهل . وكا من خبره ما رواه أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي بسنده عن سلمة بن

الصفحة 102