كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
سلامة بن وقش ، قال : كان بين أبياتنا يهودي ، فخرج على نادي قومه بني عبد الأشهل ذات غداةٍ ، فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان ، فقال ذلك لأصحاب وثنٍ لا يرونابعثاً كائن بعد الموت ، وذلك قبل مبعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا : ويحك يا فلأن ، وهذا كائن ؟ الناس يبعثون بعد موتهم إلى دارٍ فيها جنة ونار ، يجزون من أعمالهم ؟ قال : نعم ، والذي يحلف به ، لوددتاحظي من تلك الناراتوقدوا أعظم تنورٍ في داركم فتحمونه ، ثم تقذفونني فيه ، ثم تطبقوا علي ، واني انجو من النار غدا فقيل له يا فلأن ، فما علامة ذلك ؟ قال : نبي يبعث من ناحية هذه البلاد ، وأشار بيده نحو مكة واليمن . قالوا : فمتى تراه ؟ فرمى بطرفه ، فراني وانا مضطجع بفناء باب أهلي ، وانا أحدث القوم فقال : ايستنفد هذا الغلام عمره يدركه فما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وا لحي بين أظهرهم فآمنا به وصدقناه ، وكفر به بغيا وحسدا فقلنا له : يا فلأن ، ألست الذي قلت ما قلت وأخبرتنا ؟ فقال : بلى . ولكن لا أومن به .
ومن خبر إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية وراشد بن عبيد . روى البيهقي رحمه الله عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن شيخ من بني قريظة ، قال : هل تدرون عم كان إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية ، وأسد بن عبيد ، نفرٍ من بني هدل لم يكونوا من بني قريظة ، ولا النضير ، كانوا فوق ذلك ؟ فقلت : لا . قال : فانه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال ابن الهيبان ، وكنيته أبو عمير ، كذا ذكره الواقدي ، فأقام عندنا والله ما رأينا رجلاً قط لا يصلى الخمس خيراً منه ، فقدم علينا قبل مبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بسنتين ، فكنا إذا أقحطنا وقل علينا المطر نقول : يا بن الهيبان ، اخرج فاستسقى لنا فيقول : لا والله ، حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة ؛ فتقول : كم ؟ فيقول : صاعٌ من تمر أو مدين من شعير فنخرجه ، ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه ، فيستسقي ، فوالله ما يقوم من مجلسه حتى يمر السحاب ؛ قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ، ولا ثلاثة ، فحضرته الوفاة ، واجتمعنا إليه ، فقال : يا معشر يهود ، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع ؟ قالوا : انت أعلم ، قال : انه انما أخرجني اني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه ،

الصفحة 103