كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
فأتاه قيم الدير فقال يا أمير المؤمنين : اني ورثت عن آبائي كتاباً قديماً كتبه أصحاب المسيح عيلان لسلام ؛ فا شئت قرأته عليك ؛ قال : نعم ، هات كتابك ؛ فجاء بكتابٍ فإذا فيه : الحمد لله الذي قضى ما قضى ؛ وسطر ما سطر ، انه باعث في الأميين رسولاً يعلمهم الكتاب والحكمة ، ويدلهم على سبيل الجنة ، لا فظٌ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، أمته الحمادون لله في كل هبوط ونشرٍ وصعود ، تذلل ألسنتهم بالتكبير والتهليل ، ينصر دينهم على كل من ناوأه .
ومنه ما روى ان أبا ذؤيب الزاهد قال : دخلت في سياحتي ديراً فقلت للراهب القيم عليه : أعندك فائدة ؟ قال : نعم . لك يا عربي ، قلت : هاتها قال : فأخرج لي ورقةً فيها أربعة أسطر ، فذكر انها من الكتب المنزلة ؛ ففي السطر الأول منها : يقول الجبار تبارك وتعالى : انا الله لا إله إلا انا وحدي لا شريك لي ؛ والسطر الثاني : محمد المختار عبدي ورسولي ؛ والسطر الثالث : أمته الحمادون ، أمته الحمادون ، أمته الحمادون ، والسطر الرابع : رعاة الشمس ، رعاة الشمس ، رعاة الشمس . وأما من أظهر تمثال صورته ( صلى الله عليه وسلم ) وصور بعض أصحابه رضي الله عنهم ، وذلك مصور عندهم في بيوت في بيعهم .
فمن ذلك ما روى عن دحية بن خليفة الكلبي رسول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى قيصر انه قال : لقيت قيصر بكتاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو بدمشق ، فأدخلت عليه خاليا فناولته الكتاب فقبل خاتمه وفضه وقرأه ، ثم وضعه على وسادةٍ أمامه ، ثم دعا بطارقته وزعماء دينه فقام فيهم على وسائد بنيت له ، ثم خطبهم فقال : هذا كتاب النبي الذي بشر به عيسى المسيح ، وأخبر انه من ولد إسماعيل ، قال : فنخروا نخرة عظيمة ، وحاصوا فأومى إليهم بيده ان اسكتوا ثم قال : انما جربتكم لأرى غضبكم لدينكم ، ونصركم له ، وصرفهم ، ثم استدعاني من الغد فأخلأني ، وانسني بحديثه ، وأدخلني بيتاً عظيماً فيه ثلاثمائة وثلاثة عشر صورة ، فإذا هي صور الأنبياء المرسلين صلى الله عليهم وسلم فقال :

الصفحة 107