كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 109 """"""
الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وسيأتي ذكرهاشاء الله تعالى .
ومنه ما روى عن جبير بن مطعم انه قال : لما بعث الله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : خرجت تاجراً إلى الشام ، فأرسل إلى عظيم الأساقفة فأتيته فقال : هل تعرف هذا الرجل الذي ظهر بمكة ، يزعم انه نبي ؟ قال : فقلت هو ابن عمي ، فأخذ بيدي وأدخلني بيتاً فيه تماثيل وقال : انظر ترى صورته ههنا ؟ فنظرت فلم أر شيئاً فأخرجني من ذلك البيت ، وأدخلني بيتاً أكبر منه فيه مثلها وقال : انظر هل تراه ههنا فنظرت فإذا صورة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإذا صورة أبي بكر وهو آخذٌ بعقب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإذا صورة عمر وهو آخذٌ بعقب أبي بكر ، فقال : هل رأيته ؟ فقلت : نعم هوذا قال : أتعرف الذي أخذ بعقبه ؟ قلت : نعم ، هو ابن أبي قحافة ، قال : وهل تعرف الذي هو آخذ بعقبه ؟ قلت نعم ، هذا عمر بن الخطاب ابن عمنا فقال : أشهد انه رسول الله ، وا هذا هو الخليفة من بعده ، وا هذا هو الخليفة من بعد هذا .
وهذا باب متسع لو استقصيناه لطال ، ولو سطرنا ما وقفنا عليه منه لأنبسطت هذه السيرة ، وخرجت عن حد الاختصار ، وفيما أوردناه كفاية .
فلنذكر بشائر كها العرب والله أعلم . وأما من بشر به ( صلى الله عليه وسلم ) من كها العرب فقد قدمنا في الباب الثالث من القسم الثاني من الفن الثاني من كتابنا هذا أخبار الكهنة ، وذكرنا طرفا من إخبارهم برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، مما نستثنيه في هذا الموضع ، ونذكر ما عداه ، ولا يشترط الاستيعاب لتعذره ، ولا إثبات جميع ما وقفنا عيلان يضاً من ذلك لأنه يوجب البسط والإطالة ، بل نذكر من ذلك ما نقفاشاء الله تعالى عليه مما فيه الكفاية ، وا كانت نبوة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) أظهر وأشهر وأقطع منايحتاج فيها إلى ذكر ما ذكرناه ، وما نذكره ، وانما نورد ما أوردناه ليقف عليه من لم يتتبع أحواله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولا طالع سيره ، وليعلم ان امره ( صلى الله عليه وسلم ) لم يفجا الناس ، بل جاءهم على بينةٍ واستبصار ، وآثار وأخبار ، ومعجزات ظهرت ، نذكرها بعداشاء الله تعالى .
فمن بشائر الكها رؤيا ربيعة بن نصر وتأويل سطيح وشق لها .
قال محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي : كان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التتابعة ، فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهناً ولا ساحراً ولا

الصفحة 109