كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
عفيراء ، فما تلك الرؤيا ؟ قالت : رأيت أعاصير زوابع ، بعضها لبعض تابع ، فيها لهب لامع ، ولها دخا ساطع ، يقفوها نهر متدافع ، وسمعت فيما انت سامع ، دعاء ذي جرس صادع : هلموا إلى المشارع ، هلموا إلى المشارع ، روى جارع ، وغرق كارع . قال الملك : أجل هذه رؤياي فما تأويلها يا عفيراء ؟ قالت : الأعاصير الزوابع ، ملوك تبابع ، والنهر علم واسع ، والداعي نبي شافع ، والجارع ولي له تابع ، والكارع عدو له منازع . قال : يا عفيراء أسلمٌ هذا النبي أم حرب ؟ قالت : أقسم برافع السماء ، ومنزل الماء من العماء ، انه لمبطل الدماء ، ومنطق العقائل نطق الإماء . قال الملك : إلام يدعو يا عفيراء ؟ قالت : إلى صلاة وصيام ، وصلة أرحام ، وكسر أصنام ، وتعطيل أزلام ، واجتناب آثام . قال الملك : يا عفيراء ، من قومه ؟ قالت : مضر بن نزار ، ولهم منه نقع مثار ، يتجلى عن ذبح وإسار ، قال : يا عفيراء : إذا ذبح قومه فمن أعضاده ؟ قالت : أعضاده غطاريف يمانون ، طائرهم به ميمون ، يعزبهم فيعزون ، ويدمث بهم الحزون ، فإلى نصره يعتزون ، فأطرق الملك يؤامر نفسه في خطبتها فقالت : أبيت اللعن اتابعي غيور ، ولأمري صبور ، وناكحي مقبور ، والكلف بي ثبور . فنهض الملك مبادرا فجال في صهوة جواده ، وانطلق فبعث إليها بمائة ناقة كوماء .
ويشبه ما ذكرناه رؤيا الموبذا وقد تقدمت في أخبار الكهان . ومن ذلك ما روى عن لهيب بن مالك اللهبي انه قال : حصرت عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فذكرت الكهانة فقلت : بأبي انت وأمي يا رسول الله نحن أول من عرف حراسة السماء وزجر الشياطين ، ومنعهم من استراق السمع عند القذف بالنجوم ؛ وذلك

الصفحة 113