كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 114 """"""
انا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خططر بن مالك ، وكا شيخاً كبيراً قد أتت عليه مائة سنة وثمانون سنة ، وكا أعلم كهاننا فقلنا له : يا خطر ، هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمى بها ؟ فانا قد فزعنا لها وقد خفنا سوء عاقبتها فقال : ائتوني بسحر ، أخبركم الخبر ، بخيرٍ أم ضرر . وأمنٍ أم حذر ؛ قال : فانصرفنا عنه يومنا فلما كان من غدٍ في وجه السحر أتيناه ، فإذا هو قائم على قدميه شاخص إلى السماء بعينيه . فناديناه يا خطر ، فأومأ إلين ان اامسكوا فأمسكا فانقض نجم من السماء عظيم ، فصرخ الكاهن : أصابه إصابه ، خامره عقابه ، عاجله عذابه ، أحرقه شهابه ، زايله جوابه ، يا ويله ما حاله ، بلبله بلباله ، عاوده خباله ، تقطعت حباله ، وغيرت أحواله ؛ ثم أمسك طويلأن ثم قال : يا معشر بني قحطان ، أخبركم بالحق والبيان ، أقسمت بالكعبة ذات الأركان ، والبلد المؤتمن السكان . قد منع السمع عتاة الجان ، بثاقبٍ بكف ذي سلطان ، من أجل مبعوثٍ عظيم الشان ، يبعث بالتنزيل والقران ، وبالهدى وفاضل الفرقان ، تبطل به عبادة الأوثان . قال : قلنا يا خطر ، انك لتذكر أمراً عجيبا فماذا ترى لقومك ؟ فقال :
أرى لقومي ما أرى لنفسي . . . ا يتبعوا خير نبي الأنس
برهانه مثل شعاع الشمس . . . يبعث من مكة دار الخميس
بمحكم التنزيل غير اللبس
قلنا : يا خطر ، ومم هو ؟ فقال : والحياة والعيش ، انه لمن قريش . ما في حكمه طيش ، ولا في خلقه هيش ، يكون في جيش وأي جيش ، من آل قحطا وآل ريش . قال : قلنا بين لنا من أي قريش هو ، قال : والبيت ذي الدعائم ، والركن والأحائم ،

الصفحة 114