كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 12 """"""
من غيرها . ويرد هذا ما روى عن رسول الله ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، انه قال : " ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ؛ ما ولدني إلا نكاح كنكاح أهل الإسلام " ، وقول ابن الكلبي : كتبت لرسول الله ، ( صلى الله عليه وسلم ) خمسمائة أم ، فلم أجد فيها شيئاً مما كان من أمر الجاهلية " . وقد تقدم ذكر ذلك انفاً .
وقد اعتذر القائلون هذا القول عنه بأعذار ، وأقاموا أدلةً على انه ليس بسفاح ولا من أمر الجاهلية . وفي أعذارهم وأدلتهم بعض تكلف . وقد حصل الظفر - ولله الحمد والمنة - بما يزيل هذا الإشكال ، ويرفع هذا الاحتمال ، ويخلص من مهاوى هذه الشبة ؛ وهو الصحيح ، اشاء الله تعالى ، وسنذكره بعد ذكر أعذارهم وأدلتهم .
أما ما استدلوا به على تقديرايكون كنانة خلف على برة بنت مر بن اد بعد أبيه ، فقال السهيلي ، رحمه الله ، في قوله تعالى : " ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم من النِّساء إلاّ ما قد سَلَف " ؛ أي إلا ما قد سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام ، قال : وفائدة الاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وليعلم انه لم يكن في أجداده بقية ولا سفاح ؛ ألا ترى انه لم يقل في شيء نهى عنه في القرا إلا ما قد سلف نحو : " ولا تَقْرَبُوا الزِّنا " ؛ ولم يقل إلا ما قد سلف " ولا تَقْتُلُوا النَّفْس التي حَرّم اللهُ إلا بالحقّ " ولم يقل إلا ما قد سلف ، ولا في شيء من المعاضي التي نهى عنها إلا في هذه الآية ، وفي الجمع بين الأختين ؛ لأن الجمع بينهما قد كان مباحاً في شرع من قبلنا ؛ وقد جمع يعقوب عيلان لسلام ، بين راحيل وأختها ليا ؛ فقوله : إلا ما قد سلف التفاتٌ إلى هذا المعنى وتنبيه على هذا المغزى . ونقل السهيلي هذه النكتة عن القاضي أبي بكر بن العربي .
واعتذار من اعتذر عن هذه الواقعة على هذا المنوال .
وأما ما ارتفع به هذا الإشكال ، فهو ما نقله أبو عثما عمرو بن بحر الجاحظ - رحمه الله - في كتاب له سماه كتاب الأصنام قال فيه : وخلف كنانة بن خزيمة على زوجة أبيه بعد وفاته ، وهي برة بنت أد بن طابخة بن الياس بن مضر ،

الصفحة 12