كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 126 """"""
وتقر نفسه فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل وقال له مثل ذلك . قال : وتكلم المشركون عند فترة الوحي بكلام ، فانزل الله تعالى على رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وَالضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " السورة بكمالها ؛ وقيل في سبب نزوله ان ارسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان ترك قيام الليل ليلتين أو ثلاثاً لشكوى أصابته ، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد ، اني لأرجوايكون شيطانك قد تركك لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ، فانزل الله تعالى السورة .
قال القاضي أبو الفضل عياض بن موسى رحمه الله في كتابه المترجم بالشفا بتعريف حقوق المصطفى : تضمنت هذه السورة من كرامة الله تعالى لنبيه وتنويهه به وتعظيمه إياه ستة وجوه : الأول - القسم له عما أخبر به من حاله بقوله : " والضُّحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى " أي ورب الضحى ، وهذا لمن عظم درجات المبرة .
الثاني - بيا مكانته عنده وحظوته لديه بقوله : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " أي ما تركك وما أبغضك ، وقيل ما أهملك بعد ان اصطفاك .
الثالث - قوله : " وَلَلآْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ منَ الأُولَى " .
قال ابن إسحاق : أي مالك في مرجعك عند الله أعظم مما أعطاك الله من كرامة الدنيا . وقال سهل : أي ما ذخرت لك من الشفاعة والمقام المحمود خير لك مما أعطيتك في الدنيا .
الرابع - قوله : " وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى " ، وهذه آية جامعة لوجوه الكرامة وانواع السعادة وشتات الأنعام في الدارين والزيادة .
قال ابن إسحاق : يرضيه بالفلج في الدنيا والثواب في الآخرة . وقيل : يعطيه الحوض والشفاعة ، وروى عن بعض آل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) انه قال : ليس في القرا آية أرجى منها . ولا يرضي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )ايدخل أحد من أمته النار .
الخامس - ما عده الله تعالى عليه من نعمه ، وقرره من آلائه قبله في بقية السورة ، من هدايته إلى ما هداه له ، أو هداية الناس به على اختلاف التفاسير ، ولا مال

الصفحة 126