كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 139 """"""
ذكر دعاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس إلى الإسلام
قال محمد بن إسحاق : وكا أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذا صلوا ذهبوا في الشعاب ، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شعب من شعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفرٌ من المشركين وهم يصلون ، فناكروهم ، وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذٍ رجلا من المشركين بلحى بعبر ، فشجه ، فكان أول دم هريق في الإسلام .
ثم أمر الله تعالى رسول ( صلى الله عليه وسلم )ايصدع بما جاء به من عند الله وا ينادي الناس بأمره ، وا يدعوهم إلى الله تعالى ، فكان يدعو ثلاث سنين مستخفيا إلى ان أمر الله بإظهار الدعاء . قال محمد بن سعد : قوله تعالى : " وَمَنْ أحْسَنُ قَوْلاً مَّمِنْ دَعَا إلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ انني مِنَ الْمُسْلِمِينَ " هو رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
وقال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي : لما أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم )ايعلم الناس نزول الوحي عليه ، ويدعوهم إلى الإيما به ، كبر ذلك عليه ، فنزل قوله عز وجل : " يَأيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا انزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَا لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " ، قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحرس حتى نزلت هذه الآية ، فأخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رأسه من القبة ، فقال لهم : أيها الناس ، انصرفوا فقد عصمني الله ؛ قيل : يعصمك من قتلهمايقتلوك ، فبلغ عند ذلك الرسالة .
وعن الزهري ، قال : دعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الإسلام سراً وجهرا فاستجاب لله

الصفحة 139