كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 140 """"""
تعالى من شاء من أحداث الرجال وضعفاء الناس حتى كثر من آمن بالله ؛ وكفار قريش غير منكرين لما يقول ، فكان إذا مر عليهم في مجالسهم يشيرون إليه : اغلام بني عبد المطلب ليكلم من السماء ، فكان ذلك حتى عاب الله آلهتهم التي يعبدونها دونه ، وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر ، فعند ذلك عادوا رسول الله صلى عليه وسلم وناكروه ؛ وأجمعوا علاقة .
قال ابن عباس رضي الله عنه : لما انزل الله عز وجل على رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وَانذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ " صعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الصفا فقال : يا معشر قريش ، فقالت قريش : محمد على الصفا يهتف ، فأقبلوا واجتمعوا فقالوا : مالك يا محمد ؟ فقال : أرأيتكم لو أخبرتكماخيلاً بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقونني ؟ قالوا : نعم ، انت عندنا غير متهم ، وما جربنا عليك كذباً قط ، قال : فاني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف يا بني زهرة ، حتى عدد الأفحاد من قريش الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، واني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ، ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله قال : فقال أبو لهبٍ : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فانزل الله تعالى " تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ " السورة كلها . قال الواقدي : لما أظهر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الإسلام ومن معه ، وفشا أمره بمكة ، ودعا بعضهم بعضا فكان أبو بكر يدعو ناحيةً سرا وكان سعيد بن زيد مثله ، وعثمان مثل ذلك ، وكان عمر يدعو علانيةً وحمزة ابن عبد المطلب وأبو عبيدة بن الجراح ؛ فغضبت قريش من ذلك ، وظهر منهم لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الحسد والبغي ، وأشخص به منهم رجالٌ فبادوه ، وتستر آخرون وهم على ذلك الرأي ، إلا انهم ينزهون أنفسهم عن القيام والإشخاص برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
ذكر أعداء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذين جاهروا بالعداوة
قالوا : كان أهل العداوة والمباداة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه الذين يطلبون

الصفحة 140