كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 142 """"""
الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بينها فتذامروا فيه ، وحض بعضهم بعضا عليه ، ثم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا : يا أبا طالب ، الك سناً وشرفا ومنزلة فينا وانا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وانا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ؛ ثم انصرفوا عنه ، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لهم ولا خذلأنه . فبعث أبو طالب اني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا بن أخي ، اقومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ؛ قال : فظن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) انه قد بدا لعمه فيه ، وانه خاذله ومسلمه ، وانه قد ضعف عن نصرته والقيام معه ، فقال له : يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ؛ ثم استعبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقام ، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال : أقبل يا بن أخي ، فأقبل عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبداً .
قال : ثماقريشاً لما عرفو ان ان أبا طالب قد أبى خذلأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وإسلامه ، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم ، مشوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب ، هذا عمارة بن الوليد انهد فتى في قريش وأجمله ، فخذه فلك عقله ونصره ، واتخذه ولداً فهو لك خير ، وأسلم لنا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك ، وسفه أحلامهم فنقتله ، فانما هو رجل برجل ، قال : والله لبئس ما تسومونني ، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبدا فقال له المطعم بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف بن قصي : والله يا أبا طالب لقد انصفك قومك ، وجهدوا على التخلص مما

الصفحة 142